لهيب الجوع!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
لا ينكر أحد أن عشرات الملايين من اليمنيين باتوا جوعى، لا يجدون ما يعتاشون به. هذه حقيقة مريرة مشهودة بعد سبع سنوات ونيف محمومة بحقد هذه الحرب الغاشمة عسكريا واقتصاديا. لكن الأشد إيلاما انتهاز هذا الجوع والمزايدة على الجوعى، واستغفال الجميع بمحاولة جغرفة الجوع، حصر نطاق التهابه في مناطق بعينها، وزعم الغيرة على الجوعى فيها دون تقديم شيء لهم أو حتى لمن تضج بهم مناطق سلطة “الغيارى” المزيفين!
يحدث هذا علانية وبعمدية مقززة ومنهجية مستفزة تجاهر بأبشع صور النفاق وأشنع مظاهر الصفاقة في المزايدة على معاناة اليمنيين وأفظع أشكال الوقاحة فـــي المتاجرة بآلامهم ودمائهم وأرواحهم. يفعل هذا بكل جرأة لصوص اللقمة والعملة والثروة، المسؤولون عن إفقار اليمنيين وتجويعهم الممنهج، ودون أن يرف لهم جفن من خجل أو وجل!
يتغافل هؤلاء اللصوص -والغافلون عنهم- مع سبق الإصرار والترصد، أسبابا مباشرة فاعلة لهذه الحال المأساة الكارثة، ويتجاهل رموزهم وإعلامهم وفرق تلميعهم، أن الجوع أضحى طامة عامة، وأن لهيبه يمتد بطول وعرض البلاد، ولا يستثني قرية أو مدينة أو محافظة، مع فارق معلوم ومشهود في الموارد والظروف، شمالا وجنوبا، وبما لا يقاس!
يستمرئ المتخمون بكنف دول تحالف العدوان، وهم القابضون آلاف الدولارات والريالات والدراهم رواتب شهرية، والمنهمكون علنا في شراء الشركات والعقارات بكل من الإمارات والسعودية ومصر وتركيا وغيرها من دول إقامتهم؛ المزايدة على جوع الشعب الملتهب وإفقارهم المُسبب بمن فيهم عشرات ملايين الجوعى المقيمون بمحافظات ومناطق سلطتهم!
توحش الغُلب وجوع الشعب وشره النهب، أكبر وأجلى في محافظات ومناطق سلطة مجلس قيادة وحكومة الموالين لتحالف العدوان، المتقاسمين إيرادات النفط والغاز والمعادن والأسماك والجمارك والضرائب في المطارات والموانئ والمنافذ وجبايات الإتاوات والزكاة، وأموال المساعدات والمنح.. إلخ ما يبلغ مليارات الدولارات سنويا!
موظفو الدولة في عدن ومناطق سلطة هؤلاء يشكون تأخر رواتبهم وعدم انتظام مواعيد صرفها وتراكم متأخرات رواتب قطاعات عدة بما فيهم المقاتلون بصفوف قوى هذه السلطات “12 راتبا خلال العامين الماضيين فقط”! علاوة على تجميد العلاوات السنوية حد المطالبة بصرف الرواتب بعملة رواتب قيادات سلطات وسفارات مجلس قيادة وحكومة الموالين لتحالف العدوان!
فحش غلاء أسعار السلع الغذائية، والمواد التموينية والمشتقات النفطية، واللحوم البيضاء والحمراء، بل حتى أسعار الأسماك والأحياء البحرية، والخضروات والفواكه؛ في عدن ومحافظات ومناطق سلطة هؤلاء “الغيارى”؛ يفوق الضعف عما هي عليه في العاصمة صنعاء ومحافظات ومناطق سلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ.
كذلك حال أسعار صرف العملة الوطنية أمام الدولار والريال السعودي وباقي العملات الأجنبية. يتواصل انهيار قيمة الريال اليمني متخطيا سقف 1200 ريال للدولار ومناهزا 400 ريال للريال السعودي في عدن ومحافظات سلطة مجلس قيادة وحكومة تحالف العدوان، مقابل 550 ريالا للدولار و150 ريالا للريال السعودي في صنعاء ومحافظات المجلس السياسي!
لا مبرر لهذا الانهيار المتواصل لقيمة العملة، والارتفاع الفاحش لأسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية، والتدهور المستمر لخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي وأداء قطاعات ومؤسسات الدولة والوضع الأمني والقضائي في عدن ومحافظات جنوب وشرق البلاد، عدا استفحال العبث والفساد والنهب لموارد البلاد ومقدرات العباد برعاية التحالف وحمايته لأدواته!
يبقى الثابت ما يؤكده اقتصاديون بينهم عبدالعزيز العقاب أنه “من خلال الخارطة السكانية والاقتصادية للواقع القائم، فإن نسبة 70% من السكان تحت سلطة حكومة صنعاء وبنسبة موارد تصل إلى 30%. في حين أن نسبة السكان في نطاق حكومة عدن 30% ونسبة موارد تصل 70%، ما يوجب تشكيل لجنة اقتصادية لإدارة الملف الاقتصادي بكل حيادية”.

أترك تعليقاً

التعليقات