عرطة
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
درج السُعاة في بيع عقار أو أرض أو أي شيء، على قولهم باللهجة العامية المحلية: «عرطة». فرصة نادرة لغنيمة سانحة باستغلال حاجة قائمة أو ظروف قاهرة، وانتهاز كبوة عاثرة في لحظة عابرة، لاهتبال شيء ذي قيمة بنصف القيمة، أو حتى من دون دفع أي قيمة!
راج على لسان السعاة أيضا في البيع والشراء قولهم: نضغط لإتمام البيعة و»نخطيها بكيت». تجدهم يلعبون دورين يوهمان البائع والمشتري بأنهم في صفهما ويريدون الأصلح لهما. بينما هم يريدون إتمام البيع والشراء كيفما كان وبأي ثمن، ولا هم لهم إلا قبض سعايتهم (سمسرتهم).
يلجأ معظم السعاة أو السماسرة إلى الكذب والخداع. يبخسون العقار أو الأرض بعين مالكه ويبدون عيوبا عدة لإقناعه أن البيع في صالحه...
 كذلك يفعلون مع المشتري، يحظون المبيع ويدعون مزايا جمة تقنعه أنه المستفيد من الشراء حتى وإن كان المبيع معيوبا بالفعل، يهونون العيوب كافة.
الحال نفسها في مجال السياسة بزماننا. يتطبع كثير من المشتغلين في السياسة بطباع السمسارة الدنيئة فيمارسون السمسرة إنما في الأوطان والشعوب. لا يتحرجون من البيع والشراء في حقوق الأوطان بأبخس الأثمان، وممارسة النخاسة بحق الشعوب كما لو أنهم عبيد!
الأمثلة الحية أكثر من حصرها. لعل أقربها اليمن، ظل سماسرته يسعون في بيع حقوقه ومقدرات شعبه بل وبيع كرامة شعبه بأبخس الأثمان، وعلى قاعدة ارتهان تام للخارج مقابل امتهان دامٍ للداخل. حتى إنهم باتوا  يتنافسون علنا ويتصارعون على من يكون السمسار المعتمد لدى سفراء الخارج!
كذلك، قبل اليمن وبعدها، فلسطين. انكب سماسرة العرب منذ 100 عام على السمسرة في بيع فلسطين والنخاسة في الشعب الفلسطيني، لصالح الاحتلال البريطاني ثم الاحتلال الصهيوني. جرى هذا في البداية بدثارات «الحروب العربية» الفاشلة ضد كيان وليد ثم «مفاوضات السلام»!
استطاع «سماسرة العرب» ونخاسهم، على مدى 100 عام بيع معظم أراضي فلسطين لكيان غازِ وغاصب، محتل وسالب، مجرم وناهب. امتدت خيانة السماسرة لتوطين الاحتلال وحمايته وتثبيته، وتكبيل أصحاب الأرض بالأغلال، حتى تم قلب الحال، وصار المُحتل مالكا، والمالكون هم المدعين والمعتدين!
لم يكتف «سماسرة العرب» الأنذال بهذا، ومايزالون يمارسون السمسرة والنخاسة حتى اليوم. وبدلا من إيقاف العدوان «الإسرائيلي» وجرائم الحرب والإبادة المتواصلة للفلسطينيين؛ راحوا يعلنون عن تحالف دولي لإقامة دولة فلسطينية على فتات أرضها!
لسان حالهم لتحالف الشر الأنجلو-صهيوني: «لا تقلقوا.. سنضغط.. ونمشيها دولة بلا جيش أو سيادة وتحت وصاية. نقيمها على مساحة الضفة»، فترد قوى الاحتلال: «ولا حتى الضفة.. ما لهم أي حق، إنهم إرهابيون يستحقون الإبادة أو ليبحثوا لهم عن وطن بديل»!

أترك تعليقاً

التعليقات