يا باطلاه!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تشفق لحال من يريد إقناعك بأن الباطل حق، ويبذل جهدا كبيرا وماء وجهه في التبرير للباطل، ظنا أنه يستطيع تجميل قبحه وتزيين بشاعته وتهوين ظلمه وضيمه، بثوب التغرير الذي يحسبه تبريرا. فهؤلاء مِمَن يلبسون الحق ثوب الباطل ويلبسون الباطل ثوب الحق.
يظهر هؤلاء كلما طالعتنا الأيام بمظاهر أشنع وأبشع، للباطل الذي باتت محافظات البلاد المسماة "محررة" مبتلاة به، حدا يندى له الجبين، ويثير الخوف على مآل أهلنا فيها، بعدما بغى تحالف الحرب العدوانية، في الاستبداد بهم وإذلالهم بشتى صنوف الويل وصروف التنكيل.
من هذه المظاهر: استباحة كرامة المواطن ودمه وماله وعرضه، على نحو سافر، يجاهر بالبغي والتجبر والوحشية، وانعدام الإنسانية، فضلا عن افتقاد الوازع الديني، والرادع العُرفي، الذي ينبذ كل شاذ عن قيم الإنسانية والأعراف المجتمعية، بل وحتى الفطرة.
التقطع للمسافرين عبر المحافظات "المحرحرة" بات أشبه بمغامرة انتحارية، الناجي منها مولود، وكتبت له حياة جديدة. وهذا أضحى نادرا، فحتى من يعبرون هذه المحافظات من وإلى مطار عدن، لا يسلمون من الإهانة والتجريح والإساءات السافلة والوقحة.
لا تجد فصائل تحالف الحرب العدوانية على اليمن، اليوم، عذرا أو مبررا لهوانهم وإهانتهم اليمنيين كافة. وجوههم اليوم مسودة ورؤوسهم منكسة، فكل الأحداث تؤكد أنهم عصابات مرتزقة، يقدسون المال ويحبونه حبا جما، على حساب الدين والعرف والإنسانية.
أقرب شاهد هو المغدور به عبدالملك أنور أحمد السنباني، الشاب العائد من الغربة في الولايات المتحدة الأمريكية، للزواج ولقاء أهله، أمه المكلومة بفاجعة مقتله، وأخواته الفزعات لهذا الفقد الأليم، ووالده المنكوب بحرقة فقد الولد الوحيد، عكازه في الكبر وعائل أهله من بعده.
السنباني ليس أول المغدور بهم من عصابات الإجرام المنفلتة الطليقة، ذات الأنياب المشرعة، والمخالب المسنونة، والأرواح المسمومة بالأحقاد والأدران، والعقول الممسوسة بالشذوذ والانحراف. هناك المئات من ضحايا العبور المهين والمميت عبر المحافظات المحتلة.
من هؤلاء المئات 5 طلاب يمنيين عائدين من الدراسة خارج اليمن. اختطفتهم مليشيات الإجرام من مطار عدن أيضا، وبالمنطلقات نفسها، والمعايير ذاتها، وعلى خلفية ألقابهم ليس إلا، مبررا لنهم النهب وجشع السلب، والظهور بمظهر الأمناء الحاذقين، والأبطال الفاتحين!
أهلنا في جنوب البلاد أحرار شرفاء، يستنكرون هذه الجرائم، وهم أيضا أول من اكتوى بها، وما يزالون يحترقون بفجائعها في أولادهم وبناتهم وأموالهم وأرواحهم، ويتحرقون شوقا للخلاص من هذا البلاء الذي حل بهم، والطامة التي نزلت بهم، ويحتاجون فقط للقيادة.
لا يراودني أدنى شك بأن طغيان الباطل بداية نهايته وإعلان دنو إزهاقه. تلك سنة من سنن الحياة، والنماذج عبر تاريخ البشرية أكثر من حصرها. ولليمن غد أفضل، يكون فيه حرا مستقلا بقراره، قابضا على سيادته، مكتفيا بخيراته، هانئا بنمائه، وقوة تردع الباطل.

أترك تعليقاً

التعليقات