سقطة القرن!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / #لا_ميديا -

يتجلى قبح الشر وبشاعة الطغيان بأوضح صورهما في وقاحة غرور الحلف «الأنجلوصهيوني»، وصفاقة فجور قواه وفجاجة سفور عجرفتها وفداحة شرور سعيها إلى إخضاع العالم وتكريسه لخدمتها ونمائها وإثرائها، حدا نزعت معه أخيراً كل أقنعتها، وظهرت بلا مساحيق تجميل ظلت تواري حقيقتها وتخفي أنيابها ومخالبها عن فرائسها، وتزين حيلها وذرائعها لنهشها.
قوى الهيمنة الدولية غدت عارية من كل دثاراتها، وحقيقتها مكشوفة من دون أدنى احتمال للالتباس، مسعورة تمارس توحشها علنا، تتمادى في الطغيان جهرا، ولا تتحرج من إعلان غاياتها في ابتلاع كل ما عداها من قوى ودول العالم، والسيطرة على ثرواته.
ما أمسى في فلسطين سيصبح في كل بلد مستكين. حقيقة لم يستوعبها كثيرون، وظلوا يغفلون عنها ويتغافلونها، رغم كل الشواهد وتوالي المعطيات والمؤشرات لمسار الأحداث ووجهة التطورات، باتجاه تأكيد تمدد اغتصاب الحقوق والاستلاب والعقوق.
فعليا، ليس جديدا ما تضمنته «سقطة القرن» المسماه «صفقة القرن» من تماد في الطغيان ومجاهرة باغتصاب كل الحقوق والمروق على كل القوانين الدولية. الجديد في الأمر هو وقاحة الطغاة وأدواتهم في التآمر العلني والتفاخر بارتكاب الجرم والخيانة!
لكن قضية فلسطين كانت وماتزال شاهدا على زيف شعارات قوى الهيمنة والتسلط الغربي وإجرامها، ومقياسا لنظرتها للعالم العربي والاسلامي، مثلما ستظل منهجية هذه القوى في التعامل مع هذه القضية مرآة لسقف تعاملها مع حقوق الشعوب والدول العربية والإسلامية إجمالا.
فعليا، جاء إعلان «صفقة القرن» في الوقت المناسب لتمام كشف حقيقة قوى الهيمنة والتسلط العالمي، بعدما قادها غرورها إلى التعري من دثاراتها الخادعة، إثر نجاحها وأدواتها المحلية في اختراق العالم العربي والإسلامي، وإغراقه بين خدر الالتهاء ووهن الإعياء. 
نجحت قوى الشر على مدى عقود في إلهاء الشعوب العربية المترفة والمخدرة أصلا عن حقوقها في الحرية وتحقيق نهضة تتجاوز القشور إلى امتلاك مقومات النماء واستقلال القرار والسيادة، بمزيد من جرعات ووسائل الترفيه والتغريب والتخدير والاستلاب، كما يحدث في ممالك النفط.
وتوهمت هذه القوى في المقابل بأنها نجحت في إنهاك الشعوب العربية الحرة اليقظة المؤمنة بحقها في التحرر من هيمنة الخارج ووصايته وأدوات العمالة والخيانة، وبعدالة قضية فلسطين وحقوق شعبها، بمزيد من فتن الاختلاف وأهوال الاقتتال ودمار جولات الاحتراب. 
لكن قوى الهيمنة والتسلط الغربي فوجئت بما أعماها غرورها عن إدراكه، وفي مقدمة ذلك أن الشعوب لا تنهار ولا تزول كما تنهار الأنظمة الفاسدة والخائنة وتزول مع أول صحوة شعبية توقظ فطرة الشعوب النازعة للحرية ورفض الظلم والانحياز للحق ومقاومة الباطل، حتى دحره. 
تلك سنن الخليقة، ولا مبدل لسنن الله تعالى. والماثل أن قوى الهيمنة والتسلط وقعت في سقطة جديدة كبرى على طريق الزوال، وأن جنون العظمة الذي يعصف بها ما هو إلا مقدمة لانهيارها وارتداد كيدها عليها. أما الحقوق فلا تضيع ووراءها شعوب تطالب بها، ولا بد للعدالة أن تتحقق بنهاية المطاف.

أترك تعليقاً

التعليقات