ملهاة التغابن!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تابعت مواقف الأطراف الموالية لتحالف الحرب العدوانية على اليمن من الوحدة اليمنية في الذكرى الـ31 لإعادة تحقيقها سياسيا. ولاحظت تقاطعها رغم تنافرها شكلا، وأن التباين السياسي رغم اتكائه على دعوى «التغابن»؛ عكس افتقاد هذه الأطراف القرار، فضلا عن مقدرة إنهاء وحدة اليمن، وإدراك قوى الهيمنة الدولية، كارثية ذلك عليها، فضلا عن استحالته!
بدا جليا ارتهان كل طرف لأجندة كفيله ومولاه الذي يواليه، فالسعودية اعتبرت «وحدة اليمن قد تهشمت»، على لسان «هادي» وحكومته. بدا خطابها بالمناسبة، أشبه ببيان نعي الوحدة اليمنية ممثلة بالجمهورية اليمنية، في سياق تعزيز مخطط «اليمن الاتحادي» بوصفه «الخلاص لكل مشاكل اليمن»، رغم أن معطيات الأحداث خلال السنوات الست الماضية أظهرت العكس تماما.
زعم هادي أن «الوحدة اليمنية تعرضت للنهش والتهشيم»، وأن «ما لحق بالوحدة اليمنية من ضرر بسبب العديد من الممارسات الخاطئة، لا يعني الوحدة الوطنية ولا المشروع الوطني، بل يعني أولئك الذين اختاروا طريق الإساءة لتطلعات الشعوب ووقفت ممارساتهم حائلا دون التقدم نحو المستقبل». متجاهلا قيادته حرب 1994م وتقاسم غنائمها والنيل من خصومه «الطغمة»!.
لكنه أقر بمدى ارتهانه لأجندة الخارج وإخلاصه في تنفيذها بزعمه أن «الدولة الاتحادية التي تضمنتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قد وضعت الأسس الصحيحة والسليمة لمسار قويم وراشد يكفل الحقوق والشراكة ويعيد الاعتبارات ويضمد الجروح ويؤسس لمستقبل أكثر استقرارا وأمناً». بينما أكدت الأحداث أنها بصيغتها الملغمة المطروحة، فخ يؤسس لصراعات تبقي اليمن ضعيفا تابعا.
كذلك، ما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي» و»الحراك الجنوبي»، جددا خطاب التمسك بانفصال جنوب اليمن أو ما يسميانه «الاستقلال واستعادة دولة الجنوب»، تحت وصاية الراعي والداعم الإماراتي، رغم إدراكهما أن المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، اللذين يعتد بهما الموالون لتحالف الحرب، يشددان في بياناتهما وقراراتهما على «وحدة اليمن».
وبلسان كفيله ومولاه الإماراتي، تحدث رئيس «الانتقالي» عيدروس الزبيدي، عن «الذكرى الـ27 لإعلان فك الارتباط في 21 مايو 1994م، من مشروع الوحدة التي أجهضتها قوى نظام صنعاء، بإعلان الحرب على الجنوب واحتلاله واستباحة الأرض وقتل الشعب». متغافلا أن مظالم 6 سنوات من حكم مجلسه الجنوب تفوق بأضعاف مظالم حرب 94م وما تلاها!
الاتكاء على «التغابن» في خطاب ذكرى الوحدة اليمنية، بدا مستهلكا وغير مقنع للمتكلم والمستمع معا، قياسا بهول المظالم والجرائم في جنوب البلاد، التي أحدثها المتكلمون وسلطاتهم وقطبا تحالف الحرب العدوانية اللذان يدينان لهما بالولاء والطاعة، طوال ست سنوات ونيف، وما يرومانه لليمن من احتلال واستغلال للأرض وإذلال ونكال للشعب، تبرز معطياته جلية للعيان.
جسدت مواقف أطراف الصراع، في ظاهرها، أن كلا منها يغني على ليلاه وكلا يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقرُّ لهم وِصالاً. كما يقال. وأظهرت بجلاء أن «هادي» و»الانتقالي» لا يملكان قرارا، فكل منهما يريد وكفيل كل منهما يريد، ويفعل ما يشاء، إنما ليس لكل ما يشاء، فهناك من يكبح جماح نهمه وشره أطماعه، إرادة اليمنيين من ناحية وانتفاء وجه الحق له في تقسيم اليمن.
لكن مضامين مواقف هذه الأطراف والقوى الإقليمية والدولية التي تواليها، عكست في مجملها تعقيد الأزمة التي تعيشها، وإدراكها استحالة إنهاء وحدة اليمن، مع إمكانية اتخاذها مادة للمساومة على مزيد من المكاسب السياسية والمصالح. لا أكثر من هذا يمكن أن يحدث على المدى المنظور، فتشرذم اليمن عبء لا يحتمل فعليا، حتى بالنسبة للقوى الإقليمية والدولية.
أظهرت المواقف الإقليمية والدولية، دعما لوحدة اليمن، رغم اختلافها في رؤى شكلها تبعا لأطماعها. لأن وحدة اليمن، وبشهادة 6 سنوات، عامل رئيس لاستقرار هذه المنطقة الاستراتيجية لسريان مصالح العالم الملاحية النفطية والغازية والتجارية. وقوى الهيمنة الإقليمية والدولية تدرك أن اليمن قنبلة عنقودية، وتداعيات تشظيها تتجاوز تداعيات تشظي الصومال بكثير جدا.
ويبقى الثابت، كما قالت صنعاء، في ذكرى إعادة توحيد شطري اليمن، اللذين شطرهما الاحتلالان التركي للشمال والبريطاني للجنوب بمعاهدة ترسيم حدود بينهما، أن الوحدة اليمنية باقية وراسخة ما بقي اليمنيون. و»لن يكون بمقدور أحد الوقوف ضد الوحدة اليمنية ما دامت تحتل شغف القلوب ومادام الشعب يبتهج بها كل عام» حد تعبير رئيس المجلس السياسي بصنعاء مهدي المشاط.

أترك تعليقاً

التعليقات