حصالة تعز!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تحدث في تعز سوابق من نوع آخر، تفوق الخيال والتصور. مواطنون يشكون استفحال الفساد ونهب المال العام وتدهور الأوضاع وتردي الخدمات، وسلطة لا تهتم، بل تعلن إقرار جبايات جديدة إضافية، بذريعة تمويل «نفقات حفظ الأمن وحماية المؤسسات» و»مصروف جبهات المعارك»، كما لو أن تعز مغضوب عليها وليس لها اعتمادات هائلة من «شرعية» هادي وتحالف الحرب العدوانية!
الواقع أن تعز، الأكثر حظوة في الاعتمادات المالية من «حكومة هادي» وتحالف الحرب العدوانية، حدا غدت «جبهات المعارك» فيها مؤسسات تضمن التمويل متعدد الجهات، تماما كساحات «براءة الاختراع» في 2011 التي أصر تجمع الإصلاح على استمرارها حتى بداية 2013، وملف «جرحى شباب الثورة» الذي خصص له مادة في «مسخرة الدستور» إياها، تلزم الدولة باستمرار دفع نفقات علاجهم، كما لو أن العلاج سيستمر عقودا!
فعليا، تدار مدينة تعز بالعقلية نفسها، فجبهات «جيش الإصلاح» يُراد لها أن تظل مفتوحة، لاستقبال التمويل وشراء العقارات وتشييد المشاريع الاستثمارية الخاصة في تركيا. سبق أن أعلن من يسمى «قائد المقاومة الشعبية»، حمود المخلافي، علنا، وفي أكثر من حوار تلفزيوني، أن قوات صنعاء «عرضت الانسحاب من تعز، لكنه رفض منحهم هذه الفرصة»، حد تأكيده!
رغم هذا، لم تكتف «سلطة الإصلاح» في تعز بعشرات المليارات من الريالات، شهريا، يجري تحويلها من الرياض تحت مسمى «مخصصات حكومية مركزية»، و»تمويل جبهات المعارك»، و»علاج جرحى الحرب»، فعمدت إلى فرض المزيد من الإتاوات الجائرة على المواطنين دون قانون، لأنها لا تحتكم لدستور أو قانون ضد مصلحتها، رغم أنها تزعم «الدفاع عن الجمهورية»!
هذا ما أقره مؤخرا، اجتماع لما تسمى «السلطة المحلية» مع قيادة ما يسمى «جيش محور تعز». اتفق الجانبان على إقرار جبايات جديدة، منها مضاعفة رسوم استخراج جواز السفر، واستحداث نقطة جمارك ورسوم جمركية على السلع الواردة إلى عدن، وتخصيص ضرائب القات لصالح «المحور» وغيرها من الجبايات بزعم «تمويل رواتب ونفقات الأمن والجيش»!
ليس هذا فحسب، فقرارات اجتماع «سلطة وجيش الشرعية» شملت أيضاً تأكيد استمرار خصم أقساط من رواتب الموظفين المدنيين، وجباية الإتاوات المفتوحة التي سماها «تبرعات» من المواطنين ورجال الأعمال، في وقت بات معظم المواطنين في تعز، كما في باقي اليمن، يعتمدون على مساعدات المنظمات الإغاثية، لمن استطاع بلوغها.
وإمعانا في منهجية «العصابات» تضمنت مقررات الاجتماع التي نشرت وثائقها الموقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، إقرار بند مفتوح لابتكار وفرض المزيد من الجبايات، سماه «موارد أخرى» ضمن تحديده موارد المحافظة، وإقراره «استمرار قيادة المحور وقيادة السلطة المحلية بعقد اجتماعاتها مع باقي المكاتب لتحديد الرسوم المضافة على مستوى كل مكتب»!
هذه القرارات تؤكد أن «سلطة وجيش» تجمع الإصلاح، لا تهتم أو تكترث لحال المواطنين وتحميلهم أعباء إضافية تهد كواهلهم المثقلة بتأمين الحد الأدنى من متطلبات البقاء أحياء. المهم عندها هو جباية أكبر قدر من الأموال لأفرادها حتى ولو بمضاعفة أسعار السلع والخدمات، جراء فرض رسوم جمركية إضافية لسلع سبق دفع جماركها في عدن.
شره سلطة «الإصلاح» لجمع المال، يتجاوز كل حد، ويتفوق على فساد من سبقهم ومن سيليهم، لدرجة أن وثيقة سربت للإعلام، تتحدث عن تخصيص مليون ريال شهريا من إيرادات كل مديرية لصالح أحد وكلاء سلطة «الشرعية» أسوة بباقي الوكلاء. تخيلوا فرد واحد يجني قرابة 20 مليون ريال شهريا، بمسمى «مكافأة»، فكيف بما هي «مستحقات» وما هو «نثريات» وما هو بسط ونهب!
لا تدري ما هو رد فعل المواطنين في مدينة تعز، وهل سيظلون يفتدون «شرعية» سلطة وجيش تجمع الإصلاح، أم أنهم سينتفضون بوجه هذا الفساد، بعدما صار علنيا ومتحديا لاحتجاجات شعبية مستمرة منذ نحو شهر، تطالب بإنهاء الفساد ونهب المال العام وإقالة الفاسدين ومحاكمتهم. كل ما تدريه أن حال مدينة تعز، يمضي نحو ما هو أسوأ من سيناريو عدن.

أترك تعليقاً

التعليقات