ليس عبثا
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يظهر في هذا الشهر كل عام من يسخرون من انتشار اللون الأخضر والأضواء الخضراء بمناسبة ذكرى المولد النبوي، ويتندرون بألفاظ من نوع «مخضرية»، و»خضارية»... وغيرها. هؤلاء يغفلون أو يجهلون القيمة الدينية والحياتية الرفيعة لهذا اللون البهي.
جاءت الألوان بين بدائع خلق الله للكون، وقد أطنب علماء الإنسان والاجتماع والنفس في الحديث عن أهمية الألوان وتأثيرها البصري والحسي والنفسي والفكري والسلوكي على الإنسان، سعادة وكآبة، حرارة وبرودة، اضطرابا وسكونا... إلخ.
أكدت خلاصات العلوم الانسانية إعجازا إلهيا في خلق الألوان وفي ذِكرها في القرآن، من حيث التأثير البصري والنفسي والسلوكي للألوان، وكذا الثقافي، فالألوان تحمل دلالات معرفية رمزية، عامة وخاصة، تختلف وتتفق في ثقافات الشعوب.
ورد في القرآن الكريم لفظ «لون» مرتين في آية واحدة، ولفظ «ألوان» سبع مرات في ست آيات. ووردت في القرآن ستة ألوان بألفاظ صريحة، هي الأخضر والأصفر والأبيض والأزرق والأسود والأحمر، وبألفاظ تحمل معاني الألوان مثل «أحوى».
لكن اللون الأخضر يُعد أكثر الألوان ورودا في القرآن الكريم، فورد في 8 آيات، ومنها وصفه تعالى ثياب أهل الجنة باللون الأخضر. وتتفق طروحات علماء النفس في أن اللون الأخضر مريح للبصر يبعث السرور والبهجة والسكينة والراحة.
ومع أن اللون الأخضر، كسائر الألوان، طاقة مشعة ذات تأثير بصري وحسي ونفسي وفكري وسلوكي، وفق علم الألوان بشقيه السيكولوجي (النفسي) والسوسيولوجي (الاجتماعي)، إلا أنه وعلاوة على جماله وبهائه، لا تنفر منه النفس بأي حال.
يكتسب اللون الأخضر إذن، قيمة رفيعة في الحياتين الدنيا والآخرة، فهو يقترن بوصف «الجنة» في الحياة الدنيا، وهو أيضا من ألوان الجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين، ومن ذلك أن الله تعالى وصف ثياب أهل الجنة باللون الأخضر.
كما يأتي بين أشهر أسماء اليمن عبر التاريخ «الخضراء». وثق هذا الاسم زعيم قبيلة «زُبيد»، الفارس والشاعر معد بن يكرب الزُّبيدي، في قصيدة، حققها ونشرها القاضي إسماعيل الأكوع في صدر كتاب له حمل الاسم نفسه «اليمن الخضراء».
ويتزامن في شهر ربيع من كل عام وبصورة أكبر هذا العام، اخضرار الأرض بغيث كريم ساقه الرحمن مدرارا، واخضرار الأنوار ببعث حميم لذكرى ميلاد خاتم المرسلين رحمة للعالمين، محمد المصطفى، عليه وآله أزكى الصلاة والتسليم.
لكل ما سلف، لا تملك إلا أن تزهو باختيار اللون الأخضر رمزا لخاتم الأنبياء والرسل، المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبأن اللون الأخضر غدا عالميا، في الثقافة البصرية الاجتماعية والسياسية، رمزا لدين الإسلام المحمدي.

أترك تعليقاً

التعليقات