ثورة تتقد
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يتعافى الوعي الجمعي لليمنيين، بصدمات أليمة لا تنفك تتوالى، لكنها "رُب ضارة نافعة"، بها ومعها تتهاوى غشاوة التضليل، وتتداعى دعاية "التطبيل" لتغدو ضجيجا فارغا من الحقيقة، فاقدا المصداقية، منزوعا من الموثوقية!
أتحدث عمَّا يسمى "تحالف دعم الشرعية في اليمن". عرف اليمنيون أنه يشرعن تدخله العسكري وانتهاكه سيادة اليمن وسلبه الاستقلال الوطني بذريعة "الشرعية"، كما فعل الاحتلال البريطاني بذريعة غرق سفينة "داريا دولت"!
أدرك اليمنيون، مَن أسقطوا سلطة الانفلات الدامي والانهيار الكلي ومَن يوالون أطرافها؛ أنه "تحالف هدم اليمن" بتدميره مقدراته ومقومات استقلاله، وإنشائه مليشيات متمردة على "الشرعية"، وإسقاطه حكوماتها وصولا إلى "رئيسها"!
أيقن الجميع اليوم في اليمن، فداحة الارتهان للخارج على حساب جسامة الامتهان للداخل. خَبِر الجميع بالدليل الناصع والبرهان القاطع، أن إدراج اليمن تحت الوصاية الدولية بموجب الفصل السابع، جريمة خيانة كبرى!
عاش اليمنيون ويلات التدخل الخارجي عسكريا وسياسيا، أمنيا وإداريا، اقتصاديا وخدميا. طالت التبعات الكارثية والتداعيات المأساوية، جميع اليمنيين باستثناء المنتفعين من "الشرعية" وتحالفها، ماليا واستثماريا، وذويهم!
بعد عشر سنوات عجاف، حبلى بالإرهاب والإجرام الدوليين، والإفقار والتجويع والإذلال بحروب القنبلة والعملة واللقمة والخدمة وتمزيق اللُحمة؛ يبرز التعافي في إدراك عامة الشعب جناية التحالف وحاشيته بحقهم واليمن!
علت في ذكرى استقلال جنوب اليمن من الاحتلال البريطاني هذا العام، أصوات قوية في المحافظات الجنوبية، وخرجت تظاهرات شعبية تهتف باستقلال أجد يطرد الاحتلال الجديد السعودي الإماراتي والأمريكي لجنوب البلاد.
البيانات الصادرة بالمناسبة، ومنها بيان "الحراك الثوري الجنوبي"، رغم اختلافي مع دعواته الانفصالية؛ ربطت بين تدهور الأوضاع العامة الاقتصادية والخدمية والمعيشية والأمنية وبين "هيمنة التحالف، سالبة السيادة والقرار".
هذا مؤشر تعاف حميد، يبشر باكتمال وعي اليمنيين، وإدراكهم الدرس الأهم المتجدد عبر مختلف حقب تاريخ اليمن. درس الاتحاد قوة والتفرق ضعف. وأن اليمن لم يخضع للاحتلال إلا حين تتفرق أيدي بنيه، والعكس حين تتحد.
يبقى الثابت أن الاحتلال الأجنبي لأي بلد، غاصب للأرض، سالب للسيادة، وناهب للثروة، وليس من طبائع الاحتلال ولا من أهدافه التعمير أو الخدمة، ومهما اختلفت ذرائعه وتعددت شعاراته، لا بد أن يدحر بثورة شعبية، أرى نيرانها تتقد.

أترك تعليقاً

التعليقات