لمن السيادة؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يستحلي المتساقطون في أوحال الخيانة والعمالة، مؤخراً، التباري في الحديث عن «السيادة»؛ «سيادة اليمن الوطنية»! تخيلوا أن من طلبوا إدراج اليمن تحت الوصاية الدولية والبند السابع لمجلس الأمن الدولي والتدخل العسكري الخارجي، صاروا فجأة «غيورين» و»وطنيين» أيضاً!!
يتنطعون، ويتخففون من خزيهم، فيلقون رزاياهم على سلطات اليمن الحر أو من يسمونهم «الحوثيين»، بزعم أنهم «بددوا سيادة اليمن» و»أقحموا اليمن في صراعات دولية»، و»استدعوا بهجماتهم الإرهابية البوارج الحربية والغارات الدولية»، و»تسببوا بتدمير مقدرات اليمن والشعب اليمني»!
يتناسون أن البوارج الحربية الدولية تتواجد في مياه اليمن الإقليمية وباب المندب منذ 30 عاما -على الأقل- بدعوى «مكافحة القرصنة الصومالية والإرهاب»! كما يتغافلون عن أن قوات «المارينز» ووحدات وكالات المخابرات الأمريكية، تعسكر علنا في اليمن منذ 24 عاما!
يتجاهلون أيضاً -بكل خفة واستخفاف باليمنيين وذاكرتهم- أن طائرات «الدرون» الأمريكية منذ العام 2002 تنتهك أجواء اليمن وتنفذ غاراتها وتقتل اليمنيين خارج القانون، وارتكبت مجازر بقصف خيمات أعراس وعزاء، وقرية المعجلة، ونفذت إنزالاً عسكرياً في البيضاء وشبوة!!
يتناسون بالفجاجة نفسها أنهم طلبوا رسمياً تدخّل تحالف عسكري إقليمي ودولي في اليمن، قصف مقدرات البلاد والطرق والمنازل وصالات الأعراس والعزاء والأسواق والمعالم الأثرية وحتى المقابر! تحالف يحتل سواحل اليمن وجزره وموانئه ومطاراته، ويسبحون بحمده وطاعته!
هذا الخزي يجعلهم يناقضون أنفسهم. فهم ينكرون دعم غزة ونصرتها بداعي الأخوة والعروبة والدين؛ لكنهم برروا ويبررون تدخل تحالف دعمهم بزعم «النخوة والفزعة الأخوية ونصرة العروبة ودين الإسلام»، رغم أن النزاع كان وما يزال داخلياً بين يمنيين، عرب، ومسلمين، موحدين!
مع كل ذلك، يتحدثون اليوم عن «سيادة اليمن»، رغم أن وزير خارجيتهم، شايع الزنداني، أعلن صراحة أن أمريكا لم تنسق أو تستأذنهم لإطلاق حربها على اليمن. وقال في لقاء صحفي لدى زيارته قطر الشهر الفائت: «لا يتطلب الأمر تنسيقاً مسبقاً، فالدول تتحرك لحماية مصالحها»!
يعلمون هذا، لكنهم يتشدقون اليوم بحديثهم عن «السيادة» لتبرير انصياعهم المزري لأمريكا وارتهانهم المخزي للسعودية والإمارات، ضد إسناد الفلسطينيين في غزة بمواجهة إبادة جماعية تجري علناً كما إبادة الصرب لمسلمي البوسنة والهرسك برعاية تحالف الشر «الانجلو-صهيوني»!
ليتها كانت غيرة حقيقية أو حمية حقة. لكن كيف و»فاقد الشيء لا يعطيه»؟! وإلا لكانوا أدركوا أن الغيرة على السيادة تنبغي لدماء الأبرياء المستضعفين بطول وعرض العالم، فكيف وهو يراق في فلسطين؟! تلك هي الفطرة الإنسانية السوية وشيم الأخلاق النبيلة والفريضة الدينية، والأخوية!
ليست -مع الأسف- غيرة منهم أو حمية فيهم على «سيادة اليمن»، وإلا فإن حظر اليمن الحر مرور سفن العدو الصهيوني من مياه اليمن الإقليمية فعل سيادي في الأساس، وسبق أن فعله اليمن إسناداً لمصر في حرب أكتوبر 1973، ولم يُوصف حينها بأنه «إرهابي» بل عروبي بطل!

أترك تعليقاً

التعليقات