سميع الله هنية
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تتكرر في حياتنا نماذج عدة، تؤكد قولهم: «لكل امرئ من اسمه نصيب». تجد من البشر من يوافق اسمه أو كنيته سلوكه أو طباعه أو أفعاله، بإذن الله. لعل أحدث هذه النماذج الشهيد إسماعيل هنية.
ظل هنية سميعا لله، فاسم «إسماعيل» اسم علم مركب من «سميع» و»إيل»، الذي يعني «الله»، كما هو جبر الله (جبرائيل)، و»كرب إيل» و»شرح إيل» و»وهب إيل»... الخ في اللغة العربية اليمنية (الجنوبية).
وعاش هنية هانئا بخياره، رغم مشقاته وأخطاره. لكن بمنظور من اختار التجارة مع الله، كل شيء يهون ويغدو باعث رضا وهناء ما دام في سبيل الله وغايته مرضاته والفوز بما وعد به عباده.
تجسد هذا الرضا جليا عند فقد إسماعيل هنية ثلاثة من أبنائه (حازم وأمير ومحمد) وخمسة من أحفاده، بغارة لطيران كيان الاحتلال الصهيوني على مخيم الشاطئ في غزة، أول أيام عيد الفطر.
كان المصاب كبيرا وفاجعا لأي إنسان سوي. لكنه أظهر مدى صدق نضال المقاومة الفلسطينية، وأكد ارتباط قادتها بقضيتهم العادلة وبشعبهم المناضل الصابر، ومشاركتهم الكفاح عناء وبذلا ونصرا.
تابعت يومها باهتمام رد فعل إسماعيل هنية بهذا المصاب، فأكد لي صدقه مع الله وشعبه. بدا، حين تلقيه نبأ استشهاد أبنائه وأحفاده، راضيا بقضاء الله، محتسبا فلذات كبده عند ربهم أحياء يرزقون.
شاهدت إسماعيل هنية علق حينها بقوله: «لا حول ولا قوة إلا بالله، الله يسهل عليهم، الله يسهل عليهم». ثم قال في أول تصريح إعلامي: «الخيرة فيما اختار الله تعالى. دماؤنا ليست أغلى من دماء شعبنا».
رضا ينم عن إيمان صادق، وثبات ينم عن يقين فارق، يجسد ثقة وتوكلا على الله، وقناعة -لا مجرد دعاية- بخيار الجهاد مع الله وإعلاء راية الحق، وهناءً بنيل إحدى الحُسنيين: الشهادة في سبيل الله.
بعد 112 يوما، كان المجاهد القائد إسماعيل هنية على موعد الالتحاق بأبنائه وأحفاده وشهداء شعبه الجسور الصابر على تبعات الجهاد لإقامة الحق وإزهاق الباطل وتضحيات الجهاد في سبيل الله.
صحيح أن اغتيال حلف الشر العالمي القائد هنية على أرض الداعم الأبرز لمحور مقاومة هيمنة وتكبر وتجبر هذا الحلف «الانجلو-صهيوني»، ضربة قوية غادرة؛ لكنها ليست قاضية، بل حافزة لمقاومة أكبر.
سبق اغتيال القائد إسماعيل هنية، استشهاد قادة عدة في جميع جبهات محور المقاومة. لم تنتكس المقاومة بقدر ما ازدادت ثباتا وعنفوانا وتمسكا بالقضية العادلة وإصرارا على نصر الحق ودحر الباطل.
يبقى السؤال: كم حاكما وقائدا وسياسيا عربيا بصدق قادة المقاومة، مع الله وشعوبهم، ولديهم الاستعداد لبذل الوالد والولد، والمال وما وجد، والدم والروح بلا حد، في سبيل الواحد الأحد، وإنفاذ ما أمر الجليل الصمد؟!

أترك تعليقاً

التعليقات