بعير أمريكي!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يُقال “القشة التي قصمت ظهر البعير”. هذا تقريبا حال الإمبراطورية الأمريكية الصهيونية اليوم. برزت “قشات” عدة، تظهر للعيان حادة وقاصمة لظهر البعير الأمريكي، وراكبه الصهيوني، وهوجه البهيمي، أكان هذا البعير “حمار” الحزب الجمهوري، أو “فيل” الحزب الديمقراطي، حزب الرئيس جو بايدن!
أقحم البعير الأمريكي نفسه في “عش دبابير”، وصار بمواجهة حزمة من “قش” مسامير، تُعل شرهه للابتلاع حد الارتجاع، وتُثقل ظهره حد الانفصاع. فعل هذا بشخصيته النرجسية الاستعلائية، ونزعته التسلطية، وطبيعته الانتهازية، وشهيته الرأسمالية المفتوحة لنهب ثروات العالم بأقل جهد ووقت ومال!!
أبرز هذه “القشات” بالمنظور الأمريكي، والانتكاسات بنظر العالم الحر، هي فلسطين...
جرائم الحرب والإبادة الجماعية المتواصلة في غزة للشهر الرابع تواليا، لا أكثر منها فضحا ونسفا لمرتكزات إمبراطورية أمريكا “الدستورية”، وشعارات واجهتها “الحضارية”: الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية... إلخ!!
أثبت التبني الأمريكي للكيان الصهيوني وعدوانه على غزة، لجميع شعوب العالم، بالبرهان القاطع والدليل الناصع، أن “بلد العم سام” أو “بلد الأحلام” الولايات المتحدة، مجرد أكذوبة نسجتها على مر السنين أفلام “هوليوود” السينمائية وترسانة الإعلام الأمريكية، المملوكة للوبي الصهيوني العالمي.
في المقابل، تأتي “قشات” ردود الفعل، الإنسانية والأخلاقية، من شعوب العالم الحرة، وحكومات دوله المستقلة، كموقف جنوب أفريقيا ومبادراتها لرفع دعاوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد جرائم الحرب والإبادة الجماعية للكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين، وما تبعها من مبادرات مماثلة.
هناك أيضا، “قشات” المواقف الحرة والمبهرة، من محور مقاومة الهيمنة الأمريكية والسادية الصهيونية. هذه المواقف العملية كسرت حاجز الخوف والذل والهوان العربي، وعَرّت العمالة والنخاسة والخيانة من أدوات أمريكا في المنطقة، وبرزت هجمات اليمن وحزب الله في لبنان والمقاومة العراقية، مربكة ومؤثرة ومفحمة أيضا.
هجمات محور المقاومة أربكت تحالف قوى الشر والإرهاب “الانجلو- صهيوني”، كما أثّرت وتؤثر تصاعديا بجلاء على ترسانة الكيان الصهيوني الإعلامية والعسكرية والاقتصادية. كذلك أفحمت المنبطحين والمتخاذلين والمتواطئين من الأنظمة العربية والسياسيين وأبواق “سلام الاستسلام” و”تطبيع” الخضوع.
قد يقول قطيع “الموالاة” لحلف قوى الشر والإرهاب “الانجلو- صهيوني”: ماذا أنجز “التصعيد”، كما يسمي معركة “طوفان الأقصى” ومحور المقاومة، عدا “جلب الويلات” على الفلسطينيين وتجاوز عدد الضحايا 29 ألف قتيل و63 ألف جريح وتدمير بنية وعمران قطاع غزة وتشريد مئات الآلاف من شمال غزة إلى جنوبها؟!
الجواب: هذه الأرقام حُجّة عليكم لا لكم؛ “طوفان الأقصى” لم يكن “تصعيدا عبثيا”، والعدوان الصهيوني ليس “رد فعل طبيعياً”. عدوان الكيان الصهيوني، اعتقالا واغتيالا، تدميرا وتشريدا، سلبا للأراضي وتوسعا استيطانيا، هو سابق للطوفان، ومستمر منذ الاحتلال في جميع الأراضي الفلسطينية لا حصرا في قطاع غزة.
أما ماذا أنجزت “طوفان الأقصى”، فيكفي أنها عرت تحالف قوى الشر والإرهاب العالمي (أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني)، وفضحت تخاذلكم وتواطؤكم، وأثبتت عمالة ونخاسة وخيانة الأنظمة العربية، وأنها باتت طوقا لحماية الكيان الصهيوني الصهيوني، وقبل هذا وذاك، أحبطت مسار تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين.
يبقى الثابت أن المشكلة والشر في احتلال الأرض، واغتصاب الحق، والتخاذل أمام الظلم، والتنازل للغاصب... في المهادنة والمداهنة، في النخاسة والخيانة، ولم تكن يوما في التصدي للباطل، في دفع الشر، منع المنكر، رفع الظلم، وردع العدوان. العار ليس مقاومة الاحتلال والإذلال، بل معاونة الاستبداد والإبادة.

أترك تعليقاً

التعليقات