تأنسنوا!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

يشعر البعض ويتعمد إشعارك، حيال رصد حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) في هذه المحافظة أو تلك، كما لو أنه سجل هدفا ثمينا لصالح فريقه السياسي الذي ينتمي إليه ويتعصب له حدا يتجرد معه بوعي ودون وعي من إنسانيته ويمنيته أيضاً!
هذا البعض هو نفسه الذي تصطبغ تعليقاته على أحداث سقوط ضحايا قصف أو اغتيال، بطابع التشفي والنكاية السياسية، متجاهلا الجوهر الإنساني لمثل هذه الأحداث، ومتجاوزا الفطرة الإنسانية حيالها، وما يبقي المرء إنسانا سويا، لا متوحشا أو مصاص دماء!
لا يقتصر الأمر على التعاطي مع وباء كورونا، بل يمتد إلى مختلف تداعيات الحرب الظالمة والحاقدة على اليمن، وأوجه معاناة اليمنيين جميعهم، وضنك عيشهم وشقاء حياتهم وحالة الوهن والهوان التي تجرعها لهم كل يوم الحرب، لدرجة الفرح بصيد ما أو التشفي!
المسألة ليست هكذا مطلقا، ولا ينبغي بأية حال أن تكون هكذا.. استخدام دماء اليمنيين وأرواحهم، أمراضهم وجوعهم، تشردهم ونزوحهم، فقدهم وآلامهم.
 أدوات سياسية لتسجيل نقاط أو أهداف سياسية، وبتلك الطريقة الوقحة والأساليب المنحطة، والغايات الدنيئة والسافلة!
هذا النهج، مستفز، لأي إنسان سوي، فضلا عن كونه يمنياً. فالدماء يمنية، والأرواح يمنية، والمعاناة يمنية، والخسارة يمنية، ولا يصح بأية حال أن تغدو مورد أرباح، أكان تسلقا أو اتجارا أو مزايدة أو سحتا أو نكاية أو مكايدة، الخ ما ينأى عنه أي خصم أو عدو شريف.
الحاصل، أن تداعيات الحرب الملعونة، تنعكس على اليمنيين جميعهم، باستثناء تلك القلة المستفيدة، بأي قدر من دوام الحرب. وإلا فالأصل أن ينزع أي يمني وإنسان سوي، إلى السلام، ويتألم لكوارث تعثره، ويشعر أو حتى يبدي شيئا من الأسف والأسى حيالها، تصنعا.
تابع جميعنا، اكتواء هذه «القلة المستفيدة»، بنيران الحرب، وشربهم من نفس كأس المرار، عند فقد قريب لهم، بقصف أو قتال أو اغتيال أو اعتقال أو فقدان عمل أو تشرد أو مرض أو جوع أو قهر وكمد. ولاحظ جميعنا صحوة ضمائرهم المؤقتة، ونوبات غضبهم العارضة.
لم يعتبر هؤلاء من امتداد الوجع نفسه إليهم، أو يعتذروا عن انكبابهم على التشفي ممن طالهم وتوظيفه للنيل من خصومهم، وعلى العكس مازالوا في غيهم يعمهون، وسرعان ما تجاوزوا الشعور اللحظي بالوجع نفسه، ونوبات إحساسهم بالألم، وعادوا بصلف أشد لحرفتهم.
خذوا مثلا، تسرب فيروس كورونا (كوفيد - 19) إلى اليمن. بدا هؤلاء فرحين بما أصاب هذه المحافظة أو المدينة لكونها محسوبة على هذا الفصيل السياسي أو ذاك، لكن الفيروس انتشر بطبيعته التي لا تميز بين حزب أو قبيلة أو طائفة أو منطقة أو مدينة أو دولة.
يحدث هذا، مع أن الأصل، أن الوباء عام، والجائحة عالمية، ويفترض معها استشعار المسؤولية الفردية، إنسانيا ووطنيا، وانتقاد التقصير أينما وجد، وأن يكون معيار التناول، مدى الاهتمام ومدى الإهمال، التفاعل والتساهل والتجاهل، لا التوقف عند مَنطَقة الابتلاء وشخصنته سياسيا!

أترك تعليقاً

التعليقات