إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يظل إعلان «اكتشاف حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد في الشحر» بحضرموت؛ مريبا كما هو حال الوباء نفسه، ومحفوفا بملابسات باعثة على الشك، بدءا من إعلان سلطات حضرموت المسبق حظر التجوال وإغلاق المساجد وحظر القات، ثم تناقضات إعلاناتها «تسجيل أول إصابة» بشأن جنسية وهوية الحالة، ونفي مدير ميناء الشحر بفيديو مرئي ادعاءات إصابته.
كما أن إبقاء منافذ حضرموت مفتوحة دون إغلاق، ثم رفع العزل عن الشحر بعد 3 أيام فقط من إعلان «تسجيل الإصابة»، والهالة الإعلامية لقنوات دول تحالف العدوان، وغير ذلك، يبعث على الريبة والشك، ويوحي بأن ثمة كذباً وتضليلاً متعمدين، ويرجح أن يكون الإعلان عن «تسجيل أول حالة» وتوقيته، مجرد غطاء للتمويه على حدث أكبر، شهدته حضرموت فجر تلك الجمعة.
بالنظر إلى توقيت «إعلان تسجيل أول حالة إصابة بكورونا»، يظهر تزامنه مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن «تخصيص مكافأة 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تتبع شبكة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن»، حد زعمها، ومع الأنباء الرائجة عن «تنفيذ عملية إنزال قوات أمريكية في ميناء الشحر بساحل حضرموت، وبريطانية في رأس العارة بمحافظة لحج».
يعزز هذا التشكك والميل إلى ترجيح غاية «التمويه وصرف الأنظار»، أن تعميم السلطة المحلية لمحافظة حضرموت بالإجراءات الواجبة بعد «اكتشاف أول حالة إصابة بكورونا»، خلا من أية إشارة لإغلاق ميناء الشحر.
أو إغلاق منافذ حضرموت، بل تم رفع الحظر على مدينة الشحر بعد 3 أيام فقط، ما يوحي بزيف «تسجيل حالة إصابة بكورونا»، وأنها «مفتعلة» لغايات عدة.
عدا ذلك، يظهر جليا، لطف الله تعالى باليمن واليمنيين، ونفع ضارة الحصار والحظر الجوي على مطارات صنعاء والحديدة وتعز، في طور انتشار الفيروس في الصين وقبل تجاوزه حدودها باتجاه دول العالم، وجدوى الإجراءات الاحترازية الاستباقية المتخذة مُبكرا من سلطة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، وقبل إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا المستجد وباء عالميا.
ألطاف الله جل جلاله، تتجلى في مناح شتى لتداعيات هذا الوباء في الدول التي اجتاحها، ليس فقط في عجز كبرى الدول بنية طبية، وأبحاثا علمية، وتقنيات مختبرية، وبيئات صحية، وموارد مالية، عن منع انتشار الفيروس فيها، وعن كبح دائرة انتشاره، وعن استيعاب إصاباته، وعلاج المصابين به، وعن الحد من عدد الوفيات جراءه، بل عجزها عن تعميم وسائل الوقاية.
لطف الله باليمن واليمنيين، يتجاوز تجنيب اليمن هذه التداعيات الكارثية، والتي ستغدو أكبر كارثية أضعافا مضاعفة في بلد هدته الحرب ودمرت البنية التحتية لقطاعات الصحة والخدمات والنظافة والمياه والصرف الصحي، رغم تواضع إمكاناتها، إلى تداعيات كارثية أيضاً لجائحة كورونا في مناحي الحياة الأخرى، وفي المقدمة الاقتصاد والأمن ومقومات العيش الرئيسة للسكان.
تابع جميعنا انهيار أسعار النفط عالميا إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وانهيار أسهم شركات الصناعة والإنتاج العالمية في أسواق البورصة، وتوقف المصانع والشركات وارتفاع معدلات البطالة، وانعكاسات التوقف شبه التام لحركة التجارة العالمية، وتجاوز الخسائر الاقتصادية عالميا آلاف المليارات من الدولارات، وبقاء سقف الخسائر مفتوحا.
هنا، يبرز نفع آخر لضارة الحصار المفروض على اليمن من دول تحالف الحرب، الأكثر تضررا من جائحة فيروس كورونا حتى الآن، وأعني سقوط اعتماد سلطات الدولة على عائدات تصدير النفط والغاز، منذ بداية هذا العدوان على اليمن في مارس 2015م، بعدما ظلت الموازنة العامة للدولة تعتمد عليها بنسبة 90٪ وبسعر افتراضي كان لا يقل عن 70 دولارا لبرميل النفط.
يبقى الثابت يقينا، أن الإنسان ضعيف جدا مهما تقدم في العلوم والأبحاث والابتكارات والصناعات، وأن الله أكبر وأعلم وأقدر، وهو من «علم الإنسان ما لم يعلم»، وهو الرحمن الرحيم، والسميع البصير، واللطيف الخبير، وكل ما على الإنسان، أن «يأخذ حذره من البيانات»، ويأخذ بأسباب الوقاية والاحتراز، والعلاج، مع الإيمان بأن الله هو الشافي المعافي، لا سواه.
المصدر ابراهيم الحكيم
زيارة جميع مقالات: ابراهيم الحكيم