ليسوا صورا!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تضج أبواق تحالف العدوان، في هذا التوقيت من كل عام، وينبرون لترويج عبارات: «يستغلون الفقراء»، «يستدرجون الأغرار»، «يحتفون بالموت»، «يبدلون الحياة بصورة»... الخ! عبارات تهكمية وتحريضية ضد الجهاد وفعاليات ذكرى الشهيد السنوية.
ليس هذا فحسب؛ بلغ تجني أبواق العدوان على الحقيقة كما ديدنها في التجني على الحق، الافتراء على شهداء التصدي لعدوانهم، بزعم أنهم «ضحايا مواد مخدرة» و«ضحايا أعمال سحر»، و«خضعوا لما يشبه التنويم المغناطيسي»... الخ! شطحات تتجاوز الهرطقات!
قد نتفهم هذا التجني باعتباره يفرغ قدراً من مرارة الخيبة وغيظ الهزيمة الذي ينهش صدور حلف الباطل. لكنه قبل هذا وذاك، طبع غير السوي، وحيلة المتشفي، وعقيدة المفتري، ونهج المزدري لدين الله العلي، وفريضة الجهاد في سبيل الله، على كل مؤمن تقي.
لكننا في المقابل، نأمل أن يعرف الجميع الحقيقة، ويعلم ما يتجاوز صورة الشهيد، وأن الشهداء ليسوا مغرراً بهم ولا أغراراً، بل أحرار، أخيار، أبرار... دافعهم للجهاد ليس الفقر ولا الفشل في حياتهم، بل غنى النفس وعزتها، وأن سلكهم درب الجهاد اختيار لا إجبار.
فعلاً، كثير من شهداء جبهات التصدي للعدوان من عائلات ميسورة، وأعرف شخصياً شهداء عديدين تركوا محطات نجاحهم في الدراسة أو العمل أو التجارة، وبعضهم ترك عروسه بعد شهر على الزواج، واختاروا درب الجهاد في سبيل الله، ضد الباطل والبغي.
لا يكفي تعليق صور شهداء جبهات التصدي للعدوان في حاراتهم وأحياء وشوارع مدنهم، أو إقامة معارض سنوية لصورهم. هذه مظاهر احتفالية بتقليد «ذكرى الشهيد» وليس احتفاء بالشهداء، وإحياء لقيم الفداء وثقافة الجهاد وعظمة الشهادة في سبيل الله.
يطالب كثيرون بإنشاء قاعدة بيانات مفتوحة لشهداء معركة التحرر الوطني: مدنيين ومقاتلين (عسكريين ولجاناً شعبية)، تكون متاحة للجميع إلكترونياً. يرى هؤلاء أن من أدنى حقوق الشهداء أن يُعرفوا من هم وبماذا ضحوا قبل أرواحهم، وألا يكونوا مجرد أرقام وصور.
إتاحة المعرفة بشهداء معركة التحرر وجبهات التصدي لتحالف الشر والبغي والإثم والعدوان، ينبغي ألا تقتصر على أسماء الشهداء وصورهم فحسب، بل تمتد إلى سرد سير ذاتية لهم، ليعلم الجميع عظمة تضحياتهم وأنهم صفوة المجتمع وقدوته الملهمة.
الأمر ليس مستحيلاً. كل ما يلزم هو البدء في هذه المهمة: إطلاق موقع إلكتروني باسم «شهداء اليمن» أو «شهداء معركة التحرر» أو غير ذلك من الأسماء. ثم نشر إعلان في مختلف وسائل الإعلام الجماهيري والإلكتروني، يدعو ذوي كل شهيد إلى إرسال بياناته.
بعد تلقي البيانات، تخضع لعملية تحقق من صحتها ودقتها، عبر القنوات الرسمية المحلية والحكومية: الطبية، الأمنية، العسكرية... ثم نشرها على الموقع الإلكتروني أولا فأول، لتغدو قاعدة بيانات الشهداء شهادة للشهداء في سبيل الله، وشهادة على خلقهم أيضاً.

أترك تعليقاً

التعليقات