المعادلة الصعبة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
كل يوم يمر يعطينا دليلاً قاطعاً على المدى الذي يمكن أن تصل إليه إرادة الصمود، إرادة ثائرة لا تسطح الصراع ولا تساوم فيه ولا تكدس أهدافاً بلا معنى، إرادة تتلاشى أمام قوتها وجبروتها كل التهديدات والمناورات، إرادة قادرة على تحقيق المعجزات عندما تتحرر من القيود والوصاية والضغوطات.
استهداف مصافي نفط أرامكو العملاقة في الرياض ومنشآت أرامكو في جيزان وأبها ومناطق حساسة أخرى يأتي هذا الإعصار الجوي رداً على تصعيد التحالف وحصاره ومنع دخول المشتقات إلى البلاد وضمن عمليات «كسر الحصار الأولى» والتي تؤكد تطوراً ثابتاً في العمليات والأهداف، وتؤكد أيضاً أن العمق السعودي مكشوف بالكامل لاستهدافاتنا ونستطيع الوصول إلى عمق أية دولة من دول العدوان، عملية طال انتظارها، خاصة وهي تستهدف المنشآت النفطية بالذات والتي تعيش عليها مملكة الشر سلماً أو حرباً، وليس لديها المصادر والمصانع الإنتاجية الأخرى، وتدمير تلك المنشآت يمثل أهمية قصوى في سير العمليات العسكرية والاقتصادية معاً.
عملية «كسر الحصار الأولى» تم تنفيذها، وهناك عمليات قادمة يتم التحضير لها بعناية ودقة وبوتيرة متصاعدة وأكثر كارثية على الاقتصاد السعودي. إن العمليات التي ستنفذها وحدات الردع الاستراتيجية في القوة الصاروخية والطيران المسير في قادم الأيام لا يمكن أن تتخذ سقفاً معيناً، بل ستكون أكبر وأوسع وذات تأثيرات مباشرة على الاقتصاد ومدمرة للكيان السعودي، فاختيارات تحالف العدوان الحرب الاقتصادية والقرصنة على سفن النفط وخنق الشعب اليمني بقطع كل وسائل عيشه هي حرب إبادة شاملة، ولن نترك وباء الحصار يعيث فساداً في جسد مجتمعنا ويتلف بغريزة القضم خلاياه الحية ويصيب الجبهة الداخلية بضربات اقتصادية قاتلة قد تحيله إلى جثة هامدة لعدم وجود رواتب مستقرة وحياة آمنة كريمة. المعادلة لن تستقيم بتفوق السلاح وتطويره على حساب التنمية. ولا بد من أن تصاغ معادلة من نوع آخر، وهي التنمية والسلاح معاً في لعبة البقاء.
مملكة الشر السعودية نسيج عنكبوتي تمدد ليس بنفوذها فقط وإنما بنظراتها الطامعة والمتلهفة لافتراس كل ما هو إنساني وتدميره، فهي تعلم أن أمن الشعوب لا يقتصر فحسب على أمن الحدود، فقد اتسع مفهوم الأمن ليشمل جوانب متنوعة تبدأ برغيف الخبز، لأن من لا يملك خبزه لا يملك حريته، وبطبيعة الحال فإن أمن الوطن هو أمن المواطن، إذ لا قيمة لوطن يعيش أبناؤه تحت ظلال الجوع والخنوع والهيمنة والاستبداد والخوف من المجهول، ولذا كان العدوان وحساباته ونيرانه التي تتأجج دون رحمة أو هوادة لتقتل الإنسان وخيره وفكره ونزعته للإبداع والتسامي.
مملكة الشر لم تنتج سوى الديكتاتورية والعقل المتآمر والفتن والإحباط واليأس والفقر والمجاعة والعدوان والغايات التافهة والعصبيات والصراعات المذهبية والأفكار المموهة والمحتالة والمبتورة، ولم تحصد سوى الخسارة والهزائم والهباء، ومفارقتها الأشد التباساً أنها حملت موتها أكثر من حياتها في محيط تحكمه نوازع مسلحة.
مملكة الشر فشلت في بلورة حضورها إلا عبر نفي الآخر وإلغائه. لا نرى إلا الخراب يبرهن على وجوده في كل خطوة تخطوها، ومعاول الهدم لم تترك بقعة من بقاعها من دون أن تضع أثراً فيه لتحطم الدار والإنسان.

أترك تعليقاً

التعليقات