العدوان والظواهر المرضية القاتلة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي/ لا ميديا-

نحن بحاجة ماسة إلى تقييم أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ومعالجة الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي برزت مؤخراً نتاج العدوان الظالم والحرب التي دمرت بلادنا ومؤسساتنا الحيوية طيلة السنوات الأربع الماضية، ظواهر لا تقل خطورة عن الاعتداءات الأخرى من قصف، وحصار، وتدمير، وقتال في الجبهات والمحاور، ظواهر مرضية، وجرائم متعددة، قتل، وسرقة، واعتداء على حقوق الغير، واحتراف الرذيلة، واعتناق الدعارة، والانحدار أكثر فأكثر نحو الانسحاق والتحلل بدعم من العدوان وتغذيته للفساد، والعبث بالمال العام في الوزارات والمؤسسات، تلك الظواهر تنخر جدار مجتمعنا، وتهددنا بالويل والثبور والتفسخ بتفكيك الروابط الأسرية، وقد يدفع بنا ذلك للتحول إلى مجتمع منخور أخلاقياً وثقافياً.
نحن في أمس الحاجة إلى تقييم أوضاعنا ومعالجة الانهيارات التي يشهدها واقعنا المعيشي من نصف راتب متقطع، وغلاء فاحش، والتلاعب بسعر العملات، وحتى أزمة السكن والبطالة، واقع ضاغط يقطع أنفاسنا، ويجعلنا في (صراخ) دائم، فلا مجيب ولا مغيث، ولا حياة لحكومة إنقاذ (مكسوحة)، بل ولدت ميتة. 
نعم، مجتمعنا بحاجة للسلم والشراكة، ولكن ليس مع الفاسدين، وأيضاً بحاجة أكثر إلى تأهيل ثقافي، اقتصادي، اجتماعي، بحاجة إلى حكومة قوية قادرة متمكنة مؤهلة تخلق المشروع النهضوي، وتعالج الظواهر المرضية، وتحارب الفساد. إن جميع قضايانا ومشاكلنا ومقومات وجودنا موضوعة في سلة واحدة ودفعة واحدة، وكل لحظة هي الآن نقطة انعطاف تاريخية، والعدو لا يفرق بين الجبهات والمحاور القتالية، أو الغزو من الدخل وتمزيق الجبهة الداخلية وتغذية الانهيارات الاجتماعية والاقتصادية، كل هذا الانفلات والانقلاب على الذات وفقدان الذاكرة الجمعية، والوازع الديني، والثقافة الحامية من السقوط في مستنقع العدوان والظواهر المرضية عند البعض.
 ثقافة العدو برغم هزالها فرضت نفسها وسيطرتها على عقول بعض الناس لتوظفها في مجرى الخنوع والضحالة السياسية والثقافية، وثمة بالمقابل مثقفون يبيعون ثقافتهم ووطنهم للعدوان، يروجون لثقافة الموت، أدوات ضمن آلة التفريخ للأفكار المدمرة والهابطة والساقطة في مستنقع العدوان دون ان يراودهم أيما قلق إنساني، أو انتماء وطني حول نوعية الثقافة التي تنضخها أصابعهم أو التي يتقيؤونها في الابواب الثابتة أو المتحركة للصحف والمجلات، وأيضاً التخريب والترويج السياسي والثقافي عبر القنوات المشبوهة مقابل تكاليف باهظة تنفق على تفريخهم.
لا بد لنا من ثقافة تخترق السائد، وتقف أمام زحف جامعي الثروة والجاه والسلطان، ثقافة تقدم نفسها بصفتها الثورية التقدمية والإنسانية، نعلم وندرك تماماً أن تلك الظواهر طارئة وضريبة لا بد أن ندفعها ثمن صمودنا وصلابتنا ومقاومتنا للعدوان، وأيضاً لمشروعنا الثوري لتأسيس نظرة جديدة للحياة والوجود، واعتبار الإنسان الفرد مصدراً للسلطات ومقياساً للحرية والحق وإعادة اعتباره مقابل الجماعة الطاغية المستبدة التي كانت تتحكم في رقاب الملايين، ومع كل ذلك لا بد من إيجاد حلول سريعة وعاجلة، وأيضاً وجود حكومة إنقاذ حقيقية قادرة على خلق المشروع النهضوي المتكامل القادر على الاستمرار، مشروع حضاري إنساني الهدف والتوجه، يقدس حرية الإنسان وسيادته وسعادته، مشروع يواجه تلك التحديات المصيرية الكبرى وأخطار العدوان الكوني، ويعمل على تحصين الثورة بخلق قوى ثورية واعية لا تصنع التاريخ للأجيال القادمة فحسب، بل تصنع النظام الذي نريده لوطن ترتفع راياته خفاقة تعانق الثريا.

أترك تعليقاً

التعليقات