الاتفاقية الغادرة ورصاصة الرحمة
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

الشعوب التي لديها هاجس وطني، وحس قومي إنساني، لا يمكن أن تقبل بفصول تلك الاتفاقية الهزلية والمذلة والمهينة، ومراحل انتقالها من التسويات الجزئية، والتوافق السياسي إلى الزيارات المتبادلة والتحركات المريبة الصامتة، وصولاً إلى التطبيع الذي انتشر مثل فيروس كورونا وتكاثر بسرعة مذهلة ليتمكن من الانخراط الكلي في المشروع الأمريكي، ومحاولة بعث الروح في جسده الآخذ في الذبول، المشروع الذي ينتظر أصلاً رصاصة الرحمة في جسده الهزيل والمبعثر. 
اتفاقية غريبة وعجيبة وخارقة للعادة وغير مألوفة في طبيعة العلاقات وقوانين الصراعات بين الدول التي توقع اتفاقية سلام بعد حروب قاسية، أما توقيع اتفاقية سلام مع دولة لم تطلق رصاصة واحدة ولم تخض حرباً مع «إسرائيل» أو تكن في حالة حرب وتوترات، ونزاعات على الحدود، بل بالعكس هناك تحالف مع العدو لكي يقود عملية التحرير والمواجهة مع إيران البلد الوحيد الداعم لمحاور المقاومة (حماس، حزب الله) أو أي حزب أو تنظيم سني كان أو شيعي المهم يقاوم العدو «الإسرائيلي» ويناضل من أجل تحرير فلسطين والقدس، لم تكن مفاجئة تلك الاتفاقية الغادرة التي كشفت الإمارات والتي سوف تسقط أقنعة دول عربية عديدة في حرب تموز أسقط حزب الله مشروع الشرق الأوسط وأدواته في المنطقة وكشف هشاشة القوة العظمى، وحقيقة «إسرائيل» ومستوى الترهل في منظومتها، واليوم محاور المقاومة العربية والإسلامية سوف تسقط كل الاتفاقيات الغادرة، وسوف تسقط المشروع الأمريكي برمته وجميع الأنظمة المطبعة وتلك الاتفاقيات التي يصفها البعض بالتاريخية ويحاول تبريرها بحجة واهية لمواجهة إيران، اتفاقية تزعم بأنها تحمي فلسطين ومصالح الأمة العربية من خطر مزعوم وعدو وهمي وتتحالف مع العدو الحقيقي للأمة «إسرائيل».
اتفاقية تاريخية لأنها اعترفت بحق «إسرائيل» في الوجود والبقاء واغتصاب الحق الفلسطيني دون مس بالتوسعية الصهيونية ليتحقق لـ»إسرائيل» البقاء كعامل يلغي موقع شعب فلسطين وأرضه على الخارطة الجغرافية والتاريخية، ثم يلغي مقاومته التي هي جزء أساسي في محاور المقاومة العربية والإسلامية، كما تهدف تلك الاتفاقية لمنح «إسرائيل» الحق في الانتشار والتوسع وصولاً إلى منابع النفط وحواف المنافذ والممرات الاستراتيجية على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.
تضاعفت وتيرة الكلام، والهمهمات، والهمسات، والتحركات والإيماءات، والإيحاءات حول الاتفاقية الغادرة، ونصغي إلى الخطابات وما خلفها والتبشيرات المنافقة، ويعلو صوت أمريكي يناشد الأمة ويدعوها إلى الانخراط في عملية السلام الدائم للقضية الفلسطينية، أي تصفيتها بشكل نهائي، يدعوها إلى قمة الخيانة والغدر والتنازل عن القدس والأقصى قبل فوات الأوان، وتتويج «إسرائيل» قوة لا تقهر في المنطقة، كل ذلك يتم من منطلق الخوف والرعب والضعف. 
يطبعون ويدفعون من ثروات الشعوب العربية مقابل الحماية من خطر وهمي، ويتحالفون مع العدو الحقيقي لأنهم بدون كرامة، بدون إحساس، أنظمة كرتونية مهترئة لا تملك الانتماء الوطني والإحساس القومي والإنساني، وتوقع الاتفاقات على نحو قهري اغتصابي وبلغة متطابقة مع العدو وبمنطق الحسابات والمصالح وموازين القوى. 
الإمارات ومن لف لفها وجودهم أصلاً مرتبط ببقاء «إسرائيل» في المنطقة.
 الاتفاق خيانة للتاريخ وللكرامة وللشهداء.

أترك تعليقاً

التعليقات