اجتياز الخيبة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
مرحلة قاسية وظالمة وضبابية تندفع نحو الخيبة وفقدان اليقين والإرادة والقدرة على تفعيل إمكانياتنا الذاتية وتجاوز مرحلة الخيبة وانعدام الوزن والمساحة الرمادية والحفاظ على ماء وجه السعودية من أن تمرغ في الوحل.
مرحلة تهتم بماء وجه السعودية المتعفن ولا تهتم بلقمة عيش الفقراء وبدموع الثكالى والأرامل والأيتام وبالمآسي الاجتماعية المروعة وتلوين حياتنا بلون السواد والجوع والحصار والفساد وإدارة المجتمع بنفس أدوات وآليات المراحل الماضية.
الثورة تغيير حياة المجتمع نحو الأفضل، تغيير البنية الفوقية أي الهيئة السياسية الحاكمة وأدواتها بالكامل وارتباطاتها وجميع ألوانها وأشكالها وتعاطيها مع الناس، تغيير الثقافة والفكر والارتباطات الأيديولوجية، تغيير البنية التحتية؛ الاقتصاد والعلاقات والمصالح الاجتماعية والحياة المعيشية اليومية للناس نحو الأفضل.
الثورة تحد وصمود وتنمية وتخطيط وبرمجة وإيجاد البدائل الاقتصادية لمعيشة الناس، نهضة المجتمع، فالمشهد الحالي الإجمالي للأسف قاس وكئيب وخائب كأمر ما تكون الخيبة، فالهدنة الخائبة التي تمتلئ بوحشية العدوان وهمجيته فتجعل الناس يخوضون العدوان في نفسهم بعد أن رأوه تدميراً للمنازل وقتلاً للأبرياء وقصفاً لكل البنية التحتية للمجتمع حتى إن شعوراً مؤلماً بات ملازماً للناس بأن العدوان الذى انتهى بالهدنة لم ينته، والسلم الذى يفترض أن يبدأ لم يبتدئ بعد كمرحلة جديدة في حياة المجتمع أمنا واستقراراً.
مرحلتان تداخلتا واقترنتا وتناسجتا فانعدمت الرؤية وتبدد اليقين، وصارت المرحلة تسجيلاً لحال الانعدام والتبديد، إنه الخلاء ينبعث من واقع الهدنة والسلام، حيث تذوي الحياة المعيشية للمجتمع تحت غلاف كثيف من الأوهام والمخاوف ونوازع الشك، وفوق هذا الغلاف يتعمق الإحساس باللاجدوى مقروناً بمراهنات على أحصنة السياسة الخاسرة.
مرحلة معتمة وخائبة حيث أصبحنا على بعد كاف من لهيب النار نتنفس هواء غير هواء السلام والمحبة والعدل والمساواة، وإنما الهواء المأهول بضجيج الخناجر المسلحة بالخيبة والجوع والهدنة الخائبة التي تمتد بشتى أشكالها وألوانها ورموزها إلى أهم النواحي السياسة والاقتصادية وتجتاح بفجور نادر ما تم إنجازه من انتصارات عسكرية وثبات وصمود.
الهدنة ليست مقتصرة على بيانات في السياسة وشعارات، وإنما هي نمط حياة لا تكتمل إلا بعناصرها كلها، وطواغيتها العدوانية وخضوع وسيطرة وتفصح عن نفسها في ممارسات عدوانيه شريرة وسلوك رافض لكل الاتفاقيات والتعهدات والوعود واستئناف مراحل العدوان دون استئذان.
عدوان يظهر ويخبو ويتجدد وتتبدل أشكاله ووجوهه تبعا لإرادات صانعيه ومحركيه، لذلك صار بالإمكان مشاهدة حياة البؤس والمشقات والفساد وامتدادها في أغلب الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، مازلنا محاصرين مضمدين ما عدا حناجرنا التي مازال عليها أن تزعق بعد وبأعلى وتائرها.

أترك تعليقاً

التعليقات