طائر الفينيق
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
في هذه اللحظة بالذات وقبل أن تودع البشرية نظام القطب الواحد، نظام العولمة والهيمنة والظلم والاحتكارات العالمية، وفي ظل المتغيرات الدولية الكبرى وقمة معادلات القوة في سقف العالم، وظهور التحالف القوي الذي يضم أعظم قوتين من الناحية العسكرية والاقتصادية روسيا والصين ودولا أخرى مثل إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا ومحور المقاومة العربية والإسلامية لرسم صورة النهاية والبداية في آن واحد تاريخ ينتهي وتاريخ يبتدئ.
لكن العالم الذي يجد نفسه بين تاريخين لا يملك ما يؤمن له مثواه، فكل مقدس صنعه ليطمئن إليه صار مشكوكاً فيه، وكل فكرة هرع إليها في لحظة شدة لتنجيه من العدم غدت لفظاً بلا روح، لم يحصد العالم والإنسان من نظام العولمة إلا الخيبة والبؤس والكوارث والأزمات والإرهاب والقتل والحروب الأهلية والفقر والتجهيل.
انكمش الفرح الإنساني والتسامي الأممي والروح الإبداعية، والانتصارات العلمية والمساعدات الإنسانية الأممية، وانتصرت الهيمنة والهمجية واستغلال القطب الواحد للحظات تاريخية معينة، والاستراتيجية الإمبريالية لم تجلب سوى الخسارات والذل للإنسانية، وكل يوم يمر للنظام الإمبريالي هو يوم زائد ومؤلم للإنسانية ومجلب للخسائر والضحايا والدماء البريئة.
الإمبريالية فقدت بالكامل إنسانيتها وعواطفها وانتهت إلى حالة الإباحة الحيوانية، ولم تعد لديها قيم إنسانية، ليس لديها جذور حضارية أو ثقافية، وهي مستمرة في خداعها للعالم، لأنها تعيش الآن بين فخ الموت وحزام الرعب برغم استخدامها جميع أنواع الإرهاب، وفي محيط يحكمه نوازع مسلحة لا يتزعزع ويغذيه الإحساس بالعظمة والتفوق العسكري في تحقيق أهدافها وبلورة حضورها المهني نفي الآخر وإلغائه، مشروعها البؤس والدمار والخراب، وكل ما حولنا يبرهن على ذلك إنجازها الهدم والإرهاب وتدمير كل ما هو حضاري وتقدمي وإنساني، وكل ما هو حصانة للعالم المقاوم الحر.
نظام إمبريالي متوحش ورأسمالية مافيوية تهدد العالم منذ عقود وتزداد رضوخاً للاستغلال البالغ الشراسة في عالم منقسم على ذاته يشهد حروبا متواصلة هي جزء من عملية ومخططات العولمة والفوضى الخلاقة الهدف منها إلغاء الدول المقاومة للنظام الإمبريالي والعولمة والمستقلة عن مخططاتها ومشاريعها الاحتكارية.
وانطلاقاً من مصالح الشعوب والعمل التنموي وقواه العاملة المنتجة للخيرات بذلك التوجه نصل إلى واقع إنساني يتسم بقدر كبير من الروح الإنسانية والديمقراطية والتعاضد أساسه صيانة حياة ومصالح الشعوب وتلبية حاجاته اليومية بعيداً عن الاحتكارات والإذلال، والاستجابة لحقه في الحرية والمعرفة والعيش الكريم والانبعاث من تحت الرماد كطائر الفينيق وعدم تحول البشر إلى رقع على شطرنج الاحتكارات المتوحشة، بل سينقل العالم من حال العداء إلى حال من الإخاء والصداقة أساسها المحبة والقيم الإنسانية، وتنمحي العولمة الرأسمالية المتوحشة لتحل محلها عولمة أممية حرة ودول سعيدة قررت التآزر والتآخي طوعاً لمصلحة إنسانية عظمى.

أترك تعليقاً

التعليقات