شرعية القتل على مائدة اللئام
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا - 

الملايين التي خرجت في 12 من ربيع الأول، والحضور الكبير والمشرف رغم التهديدات وظروف العدوان والحصار والتجويع، تلك الحشود جسدت مدى حب الشعب اليمني لخاتم الأنبياء والمرسلين وارتباطهم الوجداني بما جاء به، واقتداء بنهجه وسيرته العطرة، ورداً قوياً على الإساءات الفرنسية، إلى جانب ما تمثله من محطة هامة باتجاه تعزيز الصمود ومواجهة العدوان الظالم. 
الإصرار الشعبي على الحضور القوي والكبير والحاشد، والاستجابة للدعوة التي وجهتها القيادة الثورية، تلك الاستجابة وذلك الحضور الهائل يعتبران المصدر الحقيقي للشرعية والثورة، وإعلاناً مزلزلاً للتمسك بالثورة وأهدافها ومبادئها وقرارها السيادي والنضال في صفوفها مهما كانت التضحيات وحجم العدوان ومراحله حتى تحقيق النصر وهزيمة العدوان الهمجي وأدواته من القوى الضالة التي استمد العدو شرعيته من خلالها وأصبحت بعد ذلك متناثرة في ساحات الأنظمة الفاسدة تقتات من بقايا مخلفات العدوان كالأيتام على مائدة اللئام، ومع ذلك لا يتوقف ضجيجهم عن العفة والوطنية والاستقلالية والشرعية، لتهييج وخداع الجماهير وإثارة الفتن. هم من أوصلنا إلى ما نحن عليه من تفاوت وتخلف، من فقر وجوع وحصار وسنوات عجاف بتحالفهم مع قوى الشر والعدوان، وبأدوارهم البائسة متعددة الأنشطة والأهداف على جميع المستويات، وفي كل ما تسبب بتمزيق الوطن إلى شظايا بأفعالهم وممارساتهم البائسة التي كانت مقدمة لهذا العدوان بسجله الأسود من التاريخ الإجرامي، لقتله البراءة والأمهات والعجزة، وارتكابه المجازر الشنيعة. هم شركاء في هذا الحصار والتجويع واستمرار العدوان. ما أكثر ما دفنوا من ضحايا! وكم هي مخجلة حقيقتهم باستخدامهم للكلمة الجميلة والرائعة "الشرعية" وجعلها سهاماً قاتلة لغايات قذرة وخبيثة وهدفاً لإعادة الوصاية والعبودية. "شرعية" تنثر دماء أطفالنا وأمهاتنا وأرواحنا فوق الجمر! "شرعية" متماهية مع القصف والحصار والمجازر البشعة، وقتل البراءة والأبرياء! "شرعية" هدفها تبديد وجودنا من أساسه لتعيد الحرية والشرعية للرياح ولبلد مدمر وشعب مقتول أو مشوه! "شرعية" تدفعنا إلى الموت الجماعي بالحصار! "شرعية" يستمد منها العدو التاريخي فرصته لإفراغ حقده المتراكم على مر التاريخ، ولم يكن يوماً يخفي سمومه الكامنة في أعماقه، وها هي تظهر على السطح بتحالفاتكم وتكشف ما كان يجب أن يُكشف منذ عصور! "شرعية" لم تستخدم لتحرير الوطن من الوصاية والظلم والفساد، بل بالعكس كانت أداة ووسيلة للخداع والتمزيق ومصدراً للوهم ومليئة بالافتراءات والتناقضات ولا تزال عواقبها المأساوية واضحة في جنوبنا المحتل! وقد تمكنت تلك الكلمة الجميلة الرائعة من خداع السذج الذين استجابوا للشرعية الزائفة، لأن الأبواق المأجورة كانت تصور لهم أن الشرعية مع تلك القوى الشيطانية التي تقف ضد إرادة شعبها وتدعي أن لها أحقية وشعبية وحجماً سياسياً فاعلاً ومؤثراً تأييداً ودعماً دولياً وأممياً، قلة قليلة هم من شلت عقولهم وعميت أبصارهم وانضموا معهم، فظنوا أن الثورة الشعبية لن تستطيع الصمود أمام التحالف الكوني المدجج بمختلف أنواع القوة العسكرية والأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً، وأن مصير الثورة الموت والدمار إذا ما حاولت أن تسهم في تغيير حال المستضعفين الذين أريد لهم حياة العبودية الأبدية، والباحثين عن العيش الكريم والحرية والعدالة بعيداً عن الوصاية والإقطاع والمشروع الأمريكي.

أترك تعليقاً

التعليقات