العدو الحقيقي والوهمي
 

طاهر علوان

التحالف الاستراتيجي، والتعاون الاقتصادي والأمني بين السعودية وإيران، انهار بعد الثورة الإسلامية 1979م، وتحولت إيران من دولة حليفة إلى خصم ثم عدو للسعودية، لموقف إيران المعادي لأمريكا وإسرائيل وإغلاق مقر البعثة الإسرائيلية في طهران وطرد السفير الإسرائيلي في الأيام الأولى للثورة الإسلامية، وفتح مكانها مقر لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتعيين السيد هاني الحسن ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في طهران.
في عهد شاه إيران لم يكن هناك التخوف المفتعل من تمدد المذهب الشيعي، والمجوس في المنطقة رغم التشدد القومي المجوسي لشاه إيران المعادي لكل ما هو عربي، وتعامله مع الملوك والحكام العرب بكبرياء وغطرسة، ووصفهم بالأعراب البدو المتخلفين، وصل تشدده للقومية الفارسية المغلفة بالعرقية لدرجة تنقية اللغة الفارسية من الكلمات العربية المستعارة فيها. وبرغم ذلك كانت العلاقة بطهران قوية ومتينة، في 1975م تم التوقيع على أهم اتفاق سري مكتوب بين إيران والمملكة السعودية ومصر والمغرب، ووقع عليه الأطراف في مدينة جدة، بعد اتصالات سرية مكثفة ليشمل الاتفاق، التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي بين تلك الدول، وقع الاتفاق من الجانب السعودي (كمال أدهم).
السعودية في عهد شاه إيران كانت نقطة ارتكاز أساسية للحضور الإيراني في المنطقة، والحليف المفضل لطهران بفضل تقاسم العمالة والخضوع للسياسات الأمريكية الإسرائيلية، التحول الاستراتيجي واختلاق السعودية العدو الوهمي، وغض النظر عن العدو الحقيقي للأمة العربية والإسلامية إسرائيل رأس الحربة للمصالح الأمريكية والامبريالية في المنطقة، أسبابه سياسية واقتصادية، العداء له علاقة مباشرة بتبعية السعودية لأمريكا المساندة والداعمة اقتصادياً وعسكرياً للوجود الإسرائيلي بأبعاده الخطيرة على أمن الأمة العربية والإسلامية والسلم في هذه المنطقة الحساسة من العالم، ولا علاقة له بالمذهبية والطائفية والدفاع عن مصالح الأمة العربية والإسلامية والتفريط بالحق العربي والصراع التاريخي الدائر على أرض فلسطين والتحرر من التبعية الأمريكية واستنهاض الأمة العربية والإسلامية وتعبئة القدرات التي من شأنها كسب المعركة المصيرية.
منذ قيام الثورة الإسلامية ومصادرة المصالح الأمريكية وإغلاق السفارة الإسرائيلية، لم تلقَ السياسة الإيرانية الترحيب من الأنظمة العربية الحاكمة باستثناء سوريا، في 1980م أعلن صدام حسين حربه على الثورة الفتية مدعوماً من الغرب، وبتمويل من السعودية ودول الخليج، لتكون الحرب الأطول في تاريخ الحروب الحديثة، حيث استنزفت موارد البلدين لمصلحة أمريكا وإسرائيل، اختلاق العرب والسعودية بشكل خاص الجفاء والعداء لإيران لأسباب وهمية، واستحضار كل الحقب السوداء في التاريخ المشترك وتصوير العداء كأنه حرب عربية - فارسية، بينما العداء الحقيقي يتمثل بتبعية السعودية لأمريكا وإسرائيل لأهداف استراتيجية خطيرة على أمتنا العربية والإسلامية والهيمنة على الثروات والمواقع الجغرافية الاستراتيجية الهامة وتوظيفها للمصالح الاحتكارية الغربية الامبريالية.
إيران في صراع مستميت لبناء ذاتها والخروج من الحصار الأمريكي الغربي، وأيضاً تناضل وتقاوم محاصرة الغرب للمد القومي العربي التحرري من قوى الشر والعدوان (أمريكا وإسرائيل والسعودية) ومن لف لفهم، وتعمل على تقوية الروابط الإسلامية والمصالح المشتركة بين إيران والوطن العربي.
السعودية التي أشعلت الحروب المذهبية والطائفية في الوطن العربي والإسلامي بقرار ومخطط أمريكي إسرائيلي، تتوقع النتائج المأساوية لتلك الحروب، وتعرف أيضاً خطورتها الكارثية، وأن تلك الحروب تخدم العدو الحقيقي للأمة العربية والإسلامية، وكما كان قرار إشعال الحروب الكارثية بأيديهم، فإن قرار تجنب ما هو أعظم بأيديهم أيضاً، ونقصد هنا سقوط النظام السعودي وانهيار الأنظمة التابعة لها.

أترك تعليقاً

التعليقات

Mollee Thabit
  • الأثنين , 12 يـونـيـو , 2017 الساعة 1:53:15 PM

مرحبا أنا مولي ثابت الشهاب مقيمة في هولاندا والدي اسمه وماما أسمها فتحية على الزريقي قد تتذكر الآن أسم فؤاد على عبد العزيز الزريقي خالي هو الكاتب فؤاد على عبدالعزيز الزريقي لقد قرأت المقالات عن ذكرى رحيل فؤاد عبد العزيز وأعجبت بكل مايحتريه ولكن فضلآ هل يمكنك مراسلتي على الآيميل وشكرا لكم