إنهم يقتلون الأطفال
 

طاهر علوان

صورة مروعة، طوابير من الصواريخ (الذكية) المنهمرة على رؤوس الأطفال، تحيلهم إلى جثث متفحمة، تحيل الحياة النابضة بالحيوية، والحب والبراء، إلى بحيرة دماء وأشلاء مشوهة. إنهم يقتلون الطفولة والبراء، يقتلون من يجمل حياتنا بموسيقى الفرح وأنغام المودة والمحبة والنقاء، من يلطف قساوة الحياة ومعاناتها، كتل نارية دموية تسحقهم في مهدهم، وتحيلهم إلى ركام. 
هياج، صراخ، تختلط بدوي الصواريخ، حالة رعب أشد من لحظة الموت الكلي، سطوة وشهوة (المومس العمياء) في القتل والتدمير، تلك البورة السوداء المتعفنة الحاقدة على الكون والإنسانية، المدمرة لكل ما هو جميل وإنساني.
أصداء نداءات واستغاثات اختلطت بدوي انفجارات، لحظة دموية مأساوية، إيقاعات أصواتهم، حشرجاتهم، دماؤهم على الأرض والجدران، فوضى شيطانية، انحدار، مرارة، وضحايا على مرمى الصواريخ، رائحة الموت والغدر والخيانة تحت ركام القصف، سقوف مهدمة وجدران دامية، لحظة مأساوية دموية ملعونة بكل الأديان السماوية والمقدسات، وبكل لغات العالم، جثث الضحايا، والمدن المحروقة، وسطوة الوحوش، والانحدار البربري الهمجي، يعتصر الحزن والألم قلوبنا، نتمزق، يجتاحنا البؤس والتعاسة، غمامة من الحزن تجثم فوق صدورنا، يهتز الكون من أركانه، تتوقف اللحظة الزمنية، ويسود المكان والزمان ظلام وحشي، أصبح كل شيء مستباحاً، الأطفال الرضع، نساء، شيوخ، عجزة، همجية القصف البربري لكل ما هو حضاري وإنساني، مدارس، مستشفيات، رياض أطفال، حدائق، أسواق عامة، مذابح دموية جماعية، تدمير ما تبقى من منشآت صحية وتعليمية، سحق لكل مقومات الحياة الإنسانية، بتلك الأسلحة المتطورة والتقنية الفتاكة من مخازن الموت الأمريكية، قنابل عنقودية، صواريخ ذكية وحارقة محرمة بكل الشرائع والقوانين الدولية، تسخير كل وسائل الموت والرعب والدمار لقتلنا وسحقنا بتلك القسوة والحقد، لا توجد مظلومية في العالم أشد من مظلوميتنا، حصار جوي وبري، عشوائية القصف المتواصل على مدار الساعة، لم يتورع أولئك السفلة عن قتل الأطفال، وذبحهم من الوريد إلى الوريد، بالصواريخ الأمريكية.
أين الضمير العالمي المنافق؟ أين المنظمات الدولية؟ أين حقوق الإنسان؟ ضمائر العالم تخدر بالمال والنفط السعودي، حتى الأمم المتحدة تم تخديرها، وأمينها العام القلق دائماً، ومن شدة قلقه المستمر يصاب بنوبات إغماء عدة مرات في اليوم الواحد، ولا يستطيع أن يتجاوز تلك الحالة التي هي مهمته ووظيفته.
 الموقف الوحيد، والقرار الذي استطاع أن يتخذه، قرار ضم السعودية إلى القائمة السوداء، لم يستمر ذلك القرار اليتيم ساعات، سُحب بتهديد من السعودية بقطع جميع المساعدات، وعاد الأمين العام المسكين إلى حالته، وأصبح مدمناً على القلق والنفط السعودي. . دور المنظمات الدولية والحقوقية هو توصيف الحالة فقط بأنها كارثية، وأن هناك أعداداً مخيفة من الضحايا الصغار جراء العدوان المستمر والمتعمد.. تقول الممثلة الخاصة للأمين العام ليلى زروقي، المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة (إن نطاق قتل وتشويه الأطفال قد اتسع بشكل هائل، وأن 73% من وفيات وإصابات الأطفال نجمت عن عمليات القصف الجوي لطيران تحالف العدوان السعودي).. وتشير تقارير اليونيسف إلى أن العدوان على اليمن دمر الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال، وتحذر من أن عدد القتلى أعلى من الأرقام المعلنة، وتحذر أيضاً من أن نحو 2,5 مليون طفل معرضون لأمراض وسوء تغذية، إضافة إلى مليون طفل أصيبوا بأمراض سوء التغذية العام الماضي.
التحذيرات والدعوات التي توجهها الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة بشأن الوضع الكارثي للأطفال، لا تجد أي تفاعل أو اهتمام من قيادة العدوان الغاشم، لأن تلك المنظمات لا تحمله مسؤولية الاعتداء والقتل بصورة صريحة ومباشرة، ويستغل العدوان الهمجي ذلك للإيغال في جرائمه الشنيعة بحق أطفال اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات