صمود حتى آخر نفس
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

محاولة رد الاعتبار للمشروع الأمريكي في المنطقة باتت مستحيلة، ذلك المشروع الذي لا يخفي استعلاءه واحتقاره وابتزازه لحلفائه ويفرض عليهم إتاوات مقابل حمايتهم ويلهب ظهورهم بالسوط ليل نهار لتنفيذ مشروعه والدفاع عن مصالحه، ويعمل على إهانتهم وإذلالهم على مسمع ومرأى العالم، ذلك المشروع الذي بدأ منهاراً ويلفظ أنفاسه الأخيرة، ودخوله في العد العكسي، وأيضاً محاصرة مؤيديه العرب المذلين والمهانين الذين ينصاعون للغرائز وينساقون للأوكار كالأنعام، كأنه كُتب عليهم أن يبقوا مدمني الذل مطأطئي الرؤوس ونتوءات عفنة تثير الاشمئزاز. تصريحات ترامب المتعاقبة بانه لن يحميهم الا بالمقابل وباجر مدفوع مقدماً بالكامل، وبالعملة الصعبة، وايضاً بالعملة العربية من الحقوق التاريخية والطبيعية للأمة العربية في اراضيها ومقدساتها وكرامتها وحقها في تقرير مصيرها واستقلالها ورسم مستقبل اجيالها كما تشاء. أمريكا أطلقت مفهوم "العولمة" بعد انتصارها في الحرب الباردة ومفهوماً آخر موازياً هو "الشرق أوسطية"، المشروع الغربي الذي يهدف إلى دمج "إسرائيل" في المنطقة العربية وحصولها على مكانة متميزة، ومحو العروبة ثقافياً وحضارياً بواسطة تلك الأنظمة الكرتونية الضعيفة والهشة مسلوبة الإرادة والقرار لفرض سلام القوة والإخضاع الأمريكي لقوى المقاومة العربية، وتهيئة أجواء إقليمية ودولية تصور فيها المقاومة العربية طرفاً معادياً للسلام واتهامها بالإرهاب تمهيداً لقمعها، مع العلم بأن الإرهاب و الإجرام ليس أمراً جديداً على أمريكا التي تأسست في بحور من الدماء والاستغلال، ولا تستطيع الحياة خارج منطق الحروب والعدوان.
 ممارسة الإرهاب والاعتداءات لن تضعف إرادة محور المقاومة، ولن تثنيها عن مواقفها الرافضة للاستسلام، ولن تجبرها على اتخاذ مواقف ضد ثوابت الأمة وحقوقها التاريخية. حجم الغضب على أمريكا أكبر من أن يتخيله أعداؤنا اليوم. لقد وصل الحصار والذل إلى كل بيت، والإرهاب الأمريكي يطرق أبوابنا في كل حين، وأصبحت المعركة أينما كان مكانها هي معركة الوجود العربي الفاصلة فإما أن تحيا الأمة بعزة وكرامة وإما أن تنتهي بالكامل، وهذا ما يدركه كل عربي من المحيط إلى الخليج دون أدنى شك، وسلاح وإرادة المقاومة سلاح الثورة، هو الأقوى الذي لم تختبره بعد أمريكا وحلفاؤها في عصر عالمهم الجديد والسلام الزائف.
 مشروع المقاومة الذي كان حلماً تحول بالإرادة القوية إلى واقع يهز عروش الطغاة، ومقاومة تقول بالفم الملآن إن زمن تعميم الانهزامية قد ولى وإلى غير رجعة، ولا تستطيع أمريكا ومشروعها وتحالفاتها العبث بالأمن العربي، وتحديداً بأمن اليمن وسوريا ولبنان، وهي الأطراف الرافضة لسياسة الاستسلام. ومنذ العملية الكبرى "نصر من الله" بدأ زمن آخر غير زمن الانهزامات، زمن رسم معالمه رجال الرجال وصمود ومقاومة شعب خرج من قيود وحسابات الأنظمة الكرتونية، فهزم باللحم والدم والإرادة الحرة التحالف الكوني، ورسم الحد الفاصل مع زمن الانهزامية والخضوع، وفتح الطريق امام الانتصارات الحاسمة والتصدي لكل محاولات الاحتواء التي مورست على الأمة العربية بهدف التمهيد لصفقات التنازلات (صفقة القرن) وتخطي زمن العولمة والبراغماتية.
التحرر لا تصنعه إلَّا الإرادة الحرة والمتحررة من كل قيود الفنادق وأيضاً الرضوخ للأمر الواقع باسم الواقعية والاستلاب والتي تمارسها بإتقان بعض الاحزاب طيلة زمن الردة المشؤوم. وبالرغم من كل ذلك انكشفت أمامنا كل الادعاءات وكل الضلال والألوان، وطريق الوحل الذي يشي بدور يريد أن يمهد السبيل لعبور الإعصار الكوني و"عاصفة الحزم" ويجعلوا من كل مقاومة وصمود كما لو أنه عديم الجدوى. 
الانتصارات لا تحققها أسلحة عمياء، وأيادٍ مرتعشة مشلولة. الانتصارات لا ترسخها قاعدة ترتج في اعماقها وتحتك داخلها كتل من تناقضات زلزالية؟  
الانتصارات تحتاج إلى عمق استراتيجي، إلى قضية عادلة، إلى تضحية وإرادة ومقاومة وصمود.

أترك تعليقاً

التعليقات