عودة الروح
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
رصيد المقاومة يتسع ويكبر ليغطي تاريخاً كاملاً من الخداع والزيف، من التردد والخوف، من أنظمة قمعية فاسدة ومتعفنة، وأسواراً من الإحباطات المتلاحقة، من تشاؤم يجثم فوق عقولنا وقلوبنا، ومن سجل مليء بالمغالطات التاريخية والفكرية، أنظمة لا تتمتع بذرة من الوطنية، وأهدافها بعيدة كل البعد عن الحس الإنساني، أنظمة ظهرت فجأة في فترات التاريخ المتعثر وكانت البديل للأنظمة الوطنية، وجعلت التاريخ عرضة للتزوير والتجرؤ عليه، واعتقدوا أن من الممكن إعادة تركيبه بما يخدم مصالحهم وغاياتهم في الوقت الحاضر، وقد يقبل التزوير على أنه حقائق؛ ولكن لبعض الوقت؛ فالحقيقة تملك خاصية البروز مجدداً، مهما كان حجم الركام الذي يلقى عليها لكي تطمس.
المقاومة العربية والإسلامية هي أكمل انتصار في تاريخ الشعوب المستضعفة، وأنضج ممارسة في الصمود والدفاع والحروب التحررية، وظاهرة مرتبطة بمشروع سياسي اجتماعي وبإرادة شعبية مستقلة، إرادة نضالية صارمة مدت طاقتها لتكون جسراً تسير فوقه لتحرير كل الأراضي المغتصبة في الوطن العربي وإسقاط الأنظمة الفاسدة، مقاومة أقوى من السلطات والأنظمة العميلة، أقوى من الاحتلال والمؤامرات وسياسة الخداع والتضليل والمشاورات الوهمية والتطبيع والاعتداءات وتزييف الواقع والتاريخ، وأقدر على مواجهة منطق الاستسلام والأمر الواقع.
لقد قاومت وغالبت ومازالت تغالب وتقاوم زحف المشروع الأمريكي الاستعماري بالصواريخ المحلية الدقيقة والمجنحة والطائرات المسيرة وإرادة رجال الرجال، وأصبحت تفرض معادلات جديدة وقوية على العدوان وتخترق كل دفاعات العدو وقببه الحديدية، والأهم من كل ذلك هو الاختراق النفسي للعدو.
المقاومة العربية والإسلامية بكل محاورها تمتلك قوة هائلة من الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة، وما خفي كان أعظم.
ومع ذلك، فلا شيء أقوى من الإنسان، بل لا شيء أقوى من حريته ومن إرادته وإصراره على المقاومة والتحرر، وصموده عندما لا يتكل أو يجير مصيره لغيره مهما بدا ممكناً ومتمكناً، ولا يترك قراره لناطق آخر مهما كان حجم هذا الناطق وحجم دائرته السياسية وثوريته، فالإنسان في محيط المقاومة المنظمة ومشروعها المتكامل سياسياً واجتماعياً وأيديولوجياً وبقناعة وحرية الرأي، لا بد من أن ينتصر بالمقاومة والمشروع المتكامل والمدروس، وهما الحل للخروج من وضع الأنظمة الرسمية الفاسدة والخاضعة للاحتلال.
المقاومة هي الحل والبديل، وعبثاً كان انتظارنا الطويل للخلاص والانعتاق من خارج دائرة المقاومة. المقاومة يصعب السيطرة على مشروعها ومكوناتها وآفاقها، فهي مثل الضوء، لا يمكن حبسها في مكان وزمن محدودين. المقاومة لم تركن ولم تراهن على المفاوضات والمشاورات والمبادرات السياسية الأمريكية المشبوهة والاتفاقات الاستسلامية، ولم تخفَ عن ممارستها إيماءات النقاء الثوري، فهي تعبر عن نفسها بسلاح الحياة الكريمة أو الموت والشهادة بشرف.
المقاومة ألغت تاريخاً كاملاً من التردد والخوف والاستسلام، وواجهت أشرس صراع مع التخلف التاريخي والتشرذم والضعف والتكتلات والتحالفات الكونية، وانتصرت.

أترك تعليقاً

التعليقات