أردوغان والحول الاستراتيجي
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

محاولة أردوغان غزو سوريا من بوابة إدلب وشنه عملية «درع الربيع» الشاملة تؤكد أنه مصاب بالحول الاستراتيجي، أو يمشي نائماً في الزمن الماضي، زمن الامبراطورية العثمانية، ويمارس السياسة التي تتناسب مع مرضه ويستحم في قاع العظمة وأوهام الماضي السحيق. تلك هي النرجسية التي لم تكن إلا طريقاً نحو الانحراف والرغبة في الانتحار، والتي جعلت أردوغان  يتحدى الجميع ويحشد أكثر من 15 ألف جندي وحوالى 3500 عربة مدرعة، ويعطي الضوء الأخضر للفصائل الإرهابية المتشددة في إرهابها، وخاصة «جبهة النصرة»، لتشن هجماتها على مواقع الجيش العربي السوري في إدلب، المدينة التي سوف تحدد مستقبل سوريا ونهاية المعارضة المسلحة المعتدلة والمتطرفة، ليس ذلك فحسب بل ستحدد مستقبل المسخ العثماني أردوغان  كزعيم لتركيا وطموحاته العبثية ببعث الإمبراطورية العثمانية الجديدة وركضه وراء سراب العظمة.
 تركيا أصابتها اللعنة بتلك القيادات المريضة التي تنهك نفسها بمطالب مستحيلة وتغمض عينيها على الحقائق المريرة وتطالب الجيش السوري العربي بالانسحاب من أراضيه، بأي حق ووفق أي قانون؟! ومحاولته المستمرة في فرض السيطرة على دولة أكثر قوة بتحالفاتها العادلة ونظامها المتطور الذي يعتمد على أسس علمية مقارنة بحزبه المتعصب وسياسته المتخلفة.
سوريا التي صمدت تسع سنوات وقدمت أغلى الأثمان من دماء أبنائها للدفاع عن الأرض والكرامة، الأرض التي هي أرضنا والكرامة التي هي كرامتنا قدمت ذروة الفعل الممكن إنسانياً للحفاظ على الحرية والاستقلال واستعادة 80٪ من أراضيها. إننا نقف مندهشين أمام البطولات العظيمة للذود عن حياض الوطن والكرامة أمام 65 دولة متطورة عسكرياً واقتصادياً. وفي الوقت نفسه نقف مشدوهين أمام تعنت وتبجح وغباء أردوغان واستمراره في تسخير كل الطاقات والموارد المادية وضخها لتحقيق أقصى درجات الدمار المادي وأقسى ملاحم الآلام والنكبات البشرية التي تصيب الشعب السوري المسالم. إننا لا نصدق ولا يمكن أن نصدق أن أي نظام حكم مهما كان متعصباً أن يقدم بدم بارد الآلاف من أبنائه إلى الموت ويعرض ممتلكات شعبه للدمار كما يفعل الآن أردوغان وحزبه فقط من أجل إسقاط نظام حكم لمجرد أن بشار الأسد لا يروق له. أما الحقيقة فهي أنه يريد إقامة نظام حكم بديل ذي بنية طائفية إرهابية متعصبة، ويكون أيضاً نظاماً عميلاً تابعاً لأمريكا ومفروضاً بقوة السلاح، وإنه يحاول ذلك ويفشل ويستمر بفعله بإصرار لتسع سنوات ويفشل أيضاً بالرغم من الدعم الدولي ومئات المليارات من الدولارات الأمريكية والخليجية والأسلحة الأوروبية المتطورة في حرب استنزاف دموية في العمق السوري، ومحاولته الأخيرة بعد أن تخلى عنه الجميع تقريباً من العرب والأمريكان وأوروبا وترك في وضع لا يحسد عليه، يحتاج إلى إنقاذ، بمحاولته الفاشلة في استدرج حلف الناتو في حرب خاسرة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وأيضاً يطلب من أمريكا صواريخ «باتريوت» لحماية قواته في إدلب، لأنه لا يستطيع استخدام صواريخ (إس 400) ضد الطائرات الروسية في حالة توسع دائرة المعارك، مع العلم بأن رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية قد دمروا أسطورة تلك الصواريخ بشكل مهين ولم تعد مجدية في الدفاع عن أي نظام رجعي دكتاتوري تابع لأمريكا والإمبريالية العالمية.

أترك تعليقاً

التعليقات