إنهم يقتلون الأسرى
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

واجهت البشرية عبر تاريخها الطويل صوراً شتى من مظاهر العنف والقتل، والحقد، والبشاعة، والدمار، كان سببها الاستكبار، وحب التملك والاستحواذ على حقوق الغير، والهيمنة، وزيغ القلوب، وانحراف العقول.
ما يحصل اليوم في ربوع يمننا الحبيب من عدوان كوني دموي حاقد، من تحالفات استعمارية بقيادة مملكة الشر السعودية، هو أعتى هذه الصور وأبشعها في التاريخ الإنساني لما يصاحبها من سلوكيات إجرامية مدمرة للأرض والإنسان، تتعامل بحقد وشراسة، تزرع الشر والدمار والإبادة، وتوزع الموت المجاني دون وازع ضمير حتى على الموالين لعدوانها، ممن كانوا مقاتلين في صفوفها وأسروا في الجبهات والمحاور القتالية، يستهدفهم العدوان الهمجي عمداً بغارات جوية بعد تأكده التام من تواجدهم في ذلك السجن في ذمار، وأنهم أسرى قاتلوا معه، باعوا أنفسهم رخيصة وخانوا وطنهم وأهلهم وقيمهم، تحالفوا مع الشيطان وقدموا له كل الإمكانيات، كل التسهيلات، كل الخدمات الدنيئة، شاركوه في القتل والإبادة والدمار، وباركوا جرائمه البشعة والقذرة على شعبهم وأهلهم، وكانت تلك النتيجة المنحطة.
المثير حقاً، والمدهش، والمستغرب في آن واحد، أن ترى العدو يقصف أسرى موالين له، لم يحصل ذلك حتى في أكثر الحروب بشاعة ودناءة وحقارة وانحطاطاً، لم يعملها هتلر، ولا موسوليني، لا النازي، ولا الفاشي، ولا الصهيوني، لم يعملها أكثر طغاة الأرض إجراماً وسفالة، اختلاط عجيب للأحداث والمواقف والنوايا، إسقاط لكل الأعراف والقيم والأخلاقيات الإنسانية، مواقف وأحداث هزلية عبثية تبحث عن آفاق لعدوانها، ومبررات لإراقة الدماء، امتهان واستخفاف وممارسات إجرامية وتعامل وحشي حتى مع الموالين والحلفاء، عدوانية وسلوك منحط يشوه تاريخ البشرية، ويسيء إلى الإنسان العربي، والدين الإسلامي والمسلمين كافة. 
نحن أمام ظاهرة فريدة، ونظام معقد، وفكر مشوه منغلق يحبس العقل في دائرة مظلمة، ويطوقه بحزام الحقد والتعصب والكراهية لكل ما هو إنساني مبدئي وشريف، لكل ما هو وطني مخلص لقضيته ووطنه وقوميته، لمبادئه الإنسانية، ومحاولة الخروج من السقف الأمريكي من العبودية، يناضل ضد الصهيونية واحتلالها لمقدساتنا، نظام قمعي همجي باع شعبه، ونفطه، وثرواته، وحريته، وإنسانيته، وكرامته للعدو الأمريكي، نظام يعيش حالة إفلاس سياسي، وعسكري، واقتصادي، واجتماعي، وثقافي، لا يستطيع التفكير خارج القمقم، وأن ينفتح على محيطه والعالم الذي يعيش فيه، وأن يتفاعل مع القيم الحضارية، والمدنية، والإنسانية بكل واقعية وإيجابية، ما الذي يُنتظر من هذا النظام السعودي الدموي، والفكر الوهابي المنغلق سوى الشر والعدوانية، والانحرافات الفكرية، والمفاهيم المشوهة، والأخلاقيات المنحطة، وترويع البشر، وتأجيج نار الصراعات بفتح أبواب الكراهية بين الشعوب، والوطن الواحد؟!
ما يحصل الآن في اليمن من جرائم بشعة ومتعددة، وتعامل وحشي، واستخفاف بالدم اليمني، هو نتيجة لذلك النظام المتعفن، والفكر المتخلف. أما آن الأوان لتلك الفئة الضالة أن تثوب إلى رشدها، وتراجع حساباتها بعد كل تلك الجرائم المتعددة والبشعة، بعد استباحة كل تلك الدماء؟ وهل هناك ما يكفي من المال حقاً لمقايضة هذا الدم، والخزي، والخيانة، والعار، أم قد كتب على هؤلاء أن يبقوا مدمني الذل والهوان مطأطئي الرؤوس ممزقين؟ كم من الجرائم والإهانات تلزمهم كي يستيقظوا؟ كم من الصفعات يحتاجونه للخروج من غفواتهم؟ كم من الأنين يريدونه لتحريك عواطفهم؟ أم أنهم أصبحوا مثل نساء المنادب الثاكلات الباكيات؟

أترك تعليقاً

التعليقات