كل عام وأنتم بسلام
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
دعونا هذا العام ننضم إلى كرنفالات أعياد السنة الجديدة، ونرفض إرادة العدوان في أن نعيش كآبة ومآتم وأحزاناً ونستقيل من الحياة. دعونا هذا العام نفعل فعلاً خارج الروتين اليومي لقصف العدوان ولعلعة قذائفه الجهنمية المحرقة والمحرمة دولياً وإنسانياً.
دعونا نفعل ذلك ولو لمرة واحدة كبقية سكان المعمورة، وفي غفلة من العدوان الهمجي وقصفه المتوحش، وندفن وإلى الأبد قهقهات أعدائنا الهستيرية، وننتمي إلى وقائع وحقائق التاريخ وقوانين العصر، ونبتعد عن صحراوية وبداوة العدوان ودهاليزه المعتمة، وتحديداً بحثه عن أخلاقه ويقينه وغاياته وفكرته عن دوره الإنساني والحضاري، ونلغي من حياتنا ثقافة «رامبو» الذي لا يخفى كراهيته لحضارتنا وقيمنا وحبنا للإنسانية والعالم الحر والمسالم، ونبتعد عن حضارة الهمبرغر الممزوج بدماء الشعوب، ونحتضن حضارتنا الدافئة بكل بهاء وجمال أساطيرها وعمق ثقافتها الروحية. إن «رامبو» الجاهل بحضارتنا لا يريد أن يعرف تلك الحقيقة البسيطة، لأن وظيفة حضارته بوجهها البشع هي القتل والدمار، فقوته سبقت يقظة ضميره، ونمو عضلاته سبق نمو تفكيره.
دعونا نسمُ بجراحاتنا ونحتفل حتى لا يقال أن العدوان الكوني فرض علينا العزلة والعتمة والابتعاد عن معطيات العصر. دعونا ننسَ الأوغاد والخونة والفاسدين والقصف الأمريكي - السعودي الوحشي، ونستقبل عامنا بفرحة وابتهاج بصرف المرتبات والانتصار على الفساد، ونضحِّ ولو لمرة واحدة بالديناصورات بدلاً من التضحية بشبابنا، ونبتعد عن الذين يكتظون فوق المنصات واعتادوا إنتاج ما يخلط الالتباس مع الحلم خلطاً عجيباً، ويستنفدوا في لحظة واحدة معنى الوطن بأكمله، بالرغم من أن الحقيقة والمواقف أصبحت واضحة وساطعة من فرط ظهورها على مدار الساعة خلف الشاشات المرئية، وفي حالة ظهورها فإن معالم التعاسة والحزن والمرارة والاشمئزاز تظهر هي أيضاً على وجوهنا وتجبرنا على القول: صباح الذل والهوان على الأنظمة المتخاذلة والمطبعة، مساء اللعنة على حكامها الخونة وكل عام وهم بكارثة.
علينا ألا نرضى بهذا الضيم من أي مصدر كان. وكل منا يشعر في أعمق أعماقه بأنه معتدى عليه في حقوقه وحياته. علينا أن نستأنف الحكم هذا العام ولنبدأ بتفكيك الكلمات والأشياء، وخصوصاً أن العدالة لا تقر قراءة الطالع في فناجين القهوة، وإنما تقر التشخيصات وما في التهم من وقائع. من حقنا قتل الأب العتيق للفساد وإعلان القطيعة الكاملة مع نماذجه ومصنفاته ومجالاته السياسية والفكرية والثقافية والمالية والإدارية، الفساد الذي يبرهن على وجوده في كل خطوة يخطوها بمعاوله الهدامة، ولم يترك مجالاً من المجالات إلا وضع فيه سمومه ليحطم الدار والعباد، والويل لمن لا يدخل في جوقته ويسبح بحمده.

أترك تعليقاً

التعليقات