الرئيس الأمريكي بسلطات ملك
 

طاهر علوان

الرئاسة الأمريكية هي محور النظام السياسي الأمريكي، وانتخاب الرئيس يعد أعلى أشكال العملية (الديمقراطية)، ويمكن القول بأن تاريخ الانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة هو التاريخ الأمريكي مع انتخاب أول رئيس لها، وهو جورج واشنطن، عام 1789، أي بعد 13 عاماً من قيامها كجمهورية مستقلة، والرئيس الأمريكي يلعب أكبر الأدوار وأوسعها سلطة من حيث رسم وتوجيه وتنفيذ السياسات الداخلية والخارجية، ويملك سلطات تتجاوز حدود سلطات أي رئيس جمهورية في بلدان الديمقراطيات الغربية، ولا تقل سلطته عن أي رئيس جمهورية في البلدان المتخلفة التي تحكمها دكتاتوريات فردية. 
في 1787 عارض باتريك هنري الدستور الأمريكي (وهو أحد واضعي وثيقة الاستقلال الأمريكية، الذين يطلق عليهم الأمريكيون وصف الآباء المؤسسين)، قائلاً: (إن رئيسكم يمكن أن يصبح ملكاً بما يمنحه هذا الدستور من سلطات).
وبعيداً عما يقوله الكتاب السياسيون والأكاديميون، يكفي أن نشير إلى أن هناك إجماعاً بين الأمريكيين على أن ظاهرة اتجاه الناخبين في معظم الأحوال نحو انتخاب رئيس الجمهورية من حزب وأغلبية في الكونجرس بمجلسيه من الحزب الآخر، هي نتيجة رغبة أكيدة لدى الشعب الأمريكي لجعل السلطتين التنفيذية والتشريعية على جانبين مختلفين، وذلك خشية طغيان الرئيس تماماً إذا ما كانت غالبية النواب والشيوخ من حزبه، حيث يكون أقرب إلى الانصياع لمشيئته، وليس خافياً أنه حتى في ظل اختلاف حزب الرئيس عن حزب الأغلبية في الكونجرس، يظل الرئيس قادراً على إنهاء إرادة الكونجرس بما يتمتع به من حق الاعتراض على القوانين والتشريعات التي يصدرها الكونجرس، ما لم يواجهه المجلسان بأغلبية ثلثي الأصوات على الأقل، ولقد تمكن الرئيس بوش خلال أقل من 4 سنوات من رئاسته، من استخدام حق الاعتراض (الفيتو) ضد 35 قراراً للكونجرس، وظل الصراع قائماً بين بوش والكونجرس على تفسير الدستور الأمريكي بشأن أيهما يملك سلطات إعلان الحرب، ومع ذلك لم يستطع الكونجرس أن يوقف رئيساً أمريكياً عن قرار بشن الحرب هنا أو هناك في ما وراء البحار، المرة الوحيدة التي استطاع الكونجرس أن يفرض إرادته كانت تحت وطأة حرب فتنام، ثم فضيحة (ووترجيت)، ليصدر عام 1973 قانوناً يحد من سلطة الرئيس في إعلان الحرب، ويجعل مشاركة الكونجرس ضرورية وأساسية، إلا أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين استطاعوا تخطي هذا القانون في عهد رونالد ريجان في لبنان 1982، وجرينادا 1983، وجورج بوش الأب في بنما 1989، والخليج 1991، والخلاف بين الرئيس والكونجرس حول سلطات الحرب هو جانب واحد من خلاف أوسع بينهما حول إدارة السياسة الخارجية، وهل هي شأن يخص الرئيس وحده، أم أن من الضروري أخذ رأي السلطة التشريعية في الاعتبار عند توقيع المعاهدات والاتفاقيات وإصدار القوانين والدخول في التحالفات وتخصيص المساعدات الخارجية.
وبالرغم من تلك السلطات الواسعة للرئيس الأمريكي، إلا أنه بالأخير مرتبط وخاضع لسلطات اللوبي الأمريكي الذي استطاع خلال 120 سنة إخضاع الإدارات الأمريكية والرؤساء لرجال الأعمال، خلال تلك الفترة، نشأت لوبيات لاتعد ولا تحصى، كلوبي الشركات النفطية الاحتكارية العملاقة عابرات القارات وشركات الأسلحة والأدوية والبنوك والبورصات، ولوبيات أخرى جميعها تعمل على توجيه الرئيس والإدارة الأمريكية بالطريقة التي تخدم استراتيجياتها الاقتصادية، دون الظهور في الصورة، وذلك عن طريق سياسيين يأتمرون بأمرهم في الكونجرس ومجلس الشيوخ، وصولاً إلى البيت الأبيض.  

أترك تعليقاً

التعليقات