وداعاً ريان
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -
فشلوا بإنقاذك يا صغيري كما فشلوا بكل شيء، فشلوا بإعادة الأمل لأهلك كما فشلوا مئات المرات بإنقاذ أطفال اليمن، وهم منذ ما يقارب سبعة أعوام يعيشون في ظلام الحرب والجوع والفقر وصواريخ تهد البيوت على ساكنيها لتدخلهم في بئر مليء بالدماء والموت يأتيهم من كل حدب وصوب.
قبل أيام قليلة من سقوطك البئر صادفتني صور لأطفال تحت الأنقاض لم يعلم عنهم العالم شيئاً، حلقت أرواحهم بعيداً عن هذا العالم الموحش المليء بتجار الموت والخراب، ولعلك الآن بجوارهم في جنة الخلد.. فعلى الرغم من اختلاف حكاية موتكم إلا أن المجرم واحد بأسماء مختلفة وأشكال متعددة.
كان موتك الصدمة الكبرى للكثيرين، لأنهم، ولأول مرة، يواجهون إهمال السلطات وفشلها الذريع بإخراجك من الحفرة، ولكن هل تعلم يا صغيري أن موتك على الرغم من الألم الذي اعتصر قلبي إلا أنني لم أندهش أو أتفاجأ.. ولم أكن أترقب خروجك كما فعل الملايين، كان بداخلي صوت خفي يخبرني بأنك أصبحت عصفوراً يحلق في الجنة، فنحن العرب لم ننجح يوماً بإنقاذ المظلومين، فكيف لهم هذه المرة أن ينقذوا حياتك.. كنت سأندهش إن نجحوا حقاً بإخراجك سالماً كما لم يفعلوا من قبل.
تمنيت من أعماق قلبي أن تعود لأهلك سالماً، ولكن أوجعني نفاق سلطات العالم بالتعاطف المزيف معك وهم متناسون أوجاع أطفال العالم العربي الذين يموتون في كل لحظة في اليمن والعراق وسوريا وها هم الآن يتاجرون بألم أسرتك وألمنا جميعاً ويطلقون الشائعات ما بين موتك في اللحظات الأولى لسقوطك وما بين اللحظات الأخيرة من إخراجك، ليحصدوا المزيد من المشاهدات.. وما أصعبها من لحظات وأيام وليال عاش الجميع على ذلك الأمل الكاذب.
أعلم جيداً أنك تنعم الآن بحياة أفضل، فقد أصبحت في المكان الذي تستحقه في جنة عرضها السماوات والأرض، أبلغ أطفال اليمن الذين ماتوا دون أن يلتفت لهم العالم أننا لن ننساهم ولن يغفر الله لمن كانوا سبباً في موتهم.. وداعاً ريان إلى جنة الخلد.

أترك تعليقاً

التعليقات