رمضان الحب
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -
تهب نسائم الحب والخير مع أصوات المآذن التي صارت تصدح بالتكبير والتهليل، أشم رائحة ليالي رمضان المليئة بالحب والمفعمة بالإيمان.
ها هو صوت أمي ينادي «هيا فطور»، نلتف جميعا حول مائدة الإفطار ننتظر ذلك الصوت الروحاني ليصدح بصوت الأذان، وللحظة ما أشعر كأن الله ينظر إلينا ويراقبنا بعينه التي لا تنام، ويغمرنا بعطفه وكرمه، ونحن ننتظر أمره بأن ننهي صيامنا الذي لم يكن يوما إلا لأجله جل جلاله، لأجل وجهه الكريم فقط، وسيجزينا به.
لرمضان فضل وقدر كبير لن يشعر بقيمته إلا من أخلص نية هذا الصيام لوجهه الكريم، لرب السماوات والأرض، يذهب الظمأ وتبتل العروق، ويزول التعب فور انتهائنا من الإفطار، كأن شيئا لم يكن، وكأن كل ذلك الجوع والعطش لم يكن، بل كأننا لم نشعر بالجوع أبداً.
أشعر الآن كأن رمضان يغمرنا بغفران من رب غفور رحيم، وكأن الحزن سيربط ويكبل أيضا مع الشياطين ولن نراه ثانية.. سيغسل رمضان همومنا وآلامنا كما ستغسل أرواحنا بقرب هذا الشهر الكريم.. حتما رمضان سيغسل أرواحنا المنهكة من الذنوب، المليئة بالأنانية، كما سيغسل أجسادنا ويشفيها من أوجاعها.. فقد ثبت علميا أن للصيام فوائد لامتناهية في التخفيف من الكولسترول وضغط الدم وإزالة السموم من الجسم، وصار الأطباء اليوم في دول الغرب ينصحون مرضاهم في بعض الحالات المرضية بالصوم ليستعيد الجسم عافيته ويتخلص من الملوثات التي يتلقاها على مدى العام.
ها أنا ذا أسمع أصوات الجيران وهم يتهافتون للحاق بصلاة الجماعة ويتبادلون السلام كأن اليوم هو يوم عيدهم الحقيقي والعيد الأكبر والأهم.
يأتي رمضان في كل عام ليعيد للناس الأمل بأننا مازلنا أمة واحدة، فمهما حاول العالم تشتيت شملنا سيجمعنا وطن واحد وشعور واحد، وستجمعنا وتعيد فينا الروح روحانية وعبق الشهر الكريم.
أشعر الآن وأنا أكتب كلماتي كأن الليلة هي أولى ليالي رمضان التي لن ننام فيها ونحن ننتظر صوت أمي التي تدعونا للسحور، وتدعو الله بأن يعيد لنا صحتنا ويبارك في أعمارنا لنعيش رمضان أعواماً وأعواماً. وبقلبي دعوة كانت ومازلت منذ أعوام أن يعيد الله علينا رمضان ووطني الحبيب لا يشكو هما أو ضيقا، يأتي رمضان وقد عادت الحياة إلى مجاريها وأصبحنا يداً واحدة نعمر في الأرض بأمر الله وحده.

أترك تعليقاً

التعليقات