شتاء المتشردين!
 

يسرية الشرقي

يسرية الشرقي / لا ميديا -
يلتحفون السماء ويفترشون الشوارع والأرصفة، هذا هو حال المتشردين والكثير من المهمشين وكما حال الكثيرين ممن فقدوا بيوتهم سواء بسبب الحرب أو الفقر ولكل منهم حكاية تحكيها ملامحهم المنهكة وأقدامهم المتشققة، حكايات مختلفة وآلام مشتركة وأحداث يعيشونها بشكل يومي ما بين برد ينخر العظام وجوع ينهش البطون ويضعف الأجساد وصاروا كبقايا إنسان أثقلت كاهله الحياة بالهموم والدين والتضور جوعا والبحث عما يسد رمقه تارة من المارة وتارة من بقايا الطعام المرمي، مشهد أصبح مكررا في الشوارع العامة.
وجود المتشردين ليس محصورا على الدول الفقيرة فحسب، ولكنها مشكلة تعاني منها كل دول العالم سواء العالم المتقدم أو الدول الأكثر فقرا، لكن ما أثار غضبي هو انتشار هذه الظاهرة في اليمن الحبيب؛ بلد الكرم والإيمان، كنا سابقا لا نلاحظ إلا من فقدوا عقلهم فقط هم من يسكنون الشوارع، ولكننا اليوم أمام ظاهرة مستحدثة على وطننا الحبيب أن تجد في الشوارع عائلة بأكملها، نساء وأطفالا وكبار السن، تعيش على الرصيف.
يخبرني أحدهم بأن صديقا له فقد بيته جراء الحرب العبثية في إحدى المحافظات، حاول جاهدا إيجاد عمل يعوله ويعول أطفاله ويكفيه مد يده للآخرين، لكن دون جدوى، وتفاقمت ديونه وزاد عجزه ما أجبره على تزويج ابنته ذات الاثني عشر ربيعا حتى لا تعيش مصير التشرد كما حدث له ولزوجته وأطفاله الأربعة، والذين لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، يعمل حالياً في جمع العلب البلاستيكية من بين ركام القمامة، لكنها لا تفي بالغرض لتأجير مسكن له ولأسرته بعد أن ارتفعت الإيجارات وصار الإيجار كما الجبال على كاهل الناس.
يوجد العديد من المتشردين ممن فقدوا عقلهم إما بسبب الحرب أو لأسباب اقتصادية وكل واحد منهم يحمل بداخله هموما لو وقعت على جبل لصار رمادا يغرق المدينة وأهلها، وهذا ما يجهله الكثير، فتجد أن الناس يمارسون عليهم كل أنواع التنمر والقسوة التي لا حدود لها، ووصفهم بعبارات غير أخلاقية ناسين أو متناسين أننا مجتمع مسلم يتوجب علينا أن نكون يدا واحدة، وأن نقف كالجسد الواحد لعون ومساعدة هؤلاء بكل ما أوتينا ولو بأبسط الإمكانات، فمنذ انتهاء فصل الصيف وبدء فصل الشتاء وهم يعيشون المعاناة دون أن يلتفت إليهم أحد.
لو أننا قمنا بحملة مجتمعية لعمل تجمعات أو مخيمات لحماية هؤلاء من التشرد أو مدهم على الأقل بالكساء والبطانيات التي قد تحول على الأقل دون موتهم بردا في ظل ارتفاع موجات البرد القارس الذي لا يرحم، ولعل الله يقينا عذاب النار برحمتنا لهم من برد الشتاء الذي لا يرحم.

أترك تعليقاً

التعليقات