مطلوب حياً أو ميتاً
 

طاهر علوان

مشاركة وفود بعض الأنظمة العربية في تشييع القاتل الإرهابي شمعون بيريز، أحد مؤسسي دولة الاحتلال، والمخطط والمشارك والمشرف على جميع مجازر ومذابح الاحتلال على مدى 7 عقود، قتل، اعتداء، تشريد، إبادة جماعية، مجازر ومذابح صبرا وشاتيلا، قانا الأولى والثانية، أبشع وأكبر المذابح بحق الأمة العربية، إبادة جماعية بتخطيط وإشراف شمعون بيريز..
المشاركة العربية في تشييع جنازة القاتل والإرهابي شمعون بيريز، يعتبرها البعض خيانة بحق الشعب الفلسطيني، وإهانة للأمة العربية.
والحقيقة أن تلك الأنظمة ليس لها علاقة بالقضية الفلسطينية، ولا بمشروع الأمة العربية التحرري المقاوم للاحتلال والتبعية. تلك الأنظمة مصالحها مرتبطة بالكيان الإسرائيلي التابع والمنفذ والأداة للمخطط الأمريكي الامبريالي الغربي، مصيرها ومستقبلها مرهون بالمفهوم الإسرائيلي والمخطط الأمريكي للسلام، حماية حدود إسرائيل، وأن تصبح إسرائيل جزءاً من المنطقة، والتطبيع معها، وإقامة السوق المشتركة، والقبول بها كدولة صناعية متقدمة تستثمر الإطار المحيط بها من سوق وموارد وأيدٍ عاملة، بحكم تطورها الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي، إضافة إلى تفوقها العسكري، الهدف الأساسي للمخطط الامبريالي الأمريكي الغربي، خلق كيان يولد مرهوناً ومرتبطاً بالمصالح الامبريالية، وحماية لتواجدها الاقتصادي والعسكري في الشرق الأوسط. 
لا وجود لإسرائيل، ولا لتلك الأنظمة العربية بمعزل عن أمريكا وحمايتها، أمريكا من يدير الصراع في اليمن، سوريا، لبنان، العراق، مصر، الحرب الخليجية الأولى والثانية، وإسرائيل منذ تكوينها وبعض تلك الأنظمة العربية أدوات طيعة لتنفيذ مخططها. 
شمعون بيريز أشرف وشارك على ارتكاب أكبر الجرائم في تاريخ الاحتلال الصهيوني، عملية عناقيد الغضب في جنوب لبنان 1996م، بعد سنتين من استلامه جائزة نوبل للسلام، تاريخه مليء بالسطور السوداء والظلم والطغيان وإبادة الشعب الفلسطيني واللبناني والأمة العربية.
صفاقة تلك الوفود العربية وإسفافها الترحم عليه وذرف الدموع، كارثة، مأساة حقيقية، أنظمة فاسدة، بائسة، مجردة من الوطنية والمشاعر والأحاسيس والانتماء، فقدت كرامتها وارتباطها بالأمة العربية، مصالحها وارتباطها بمحور الشر والتبعية المطلقة للمخطط الامبريالي السند والداعم لوجودها في السلطة والمحرك لسياستها وعلاقاتها الداخلية والخارجية، لا تربطهم بشعوبهم والأمة العربية أية صلة سوى (وثيقة السفر)، مشاعرهم ووجدانهم وهويتهم ومصالحهم مع العدو، الانتماء الحقيقي والوطنية والدفاع عن مصالح شعوبهم ومصالح الأمة العربية، والهوية والوجود الإنساني والحياة الكريمة والشريفة، هؤلاء لا يمثلون شعوبهم، يقتاتون من أوجاعنا وعذاباتنا وهمومنا، شملهم الجمود والتخلف والبلادة (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يسَمَعُونَ أَوْ يعقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) صدق الله العظيم .
وضع الأمة العربية الكارثي والمزرى إفراز لتلك الأنظمة، ولا بد أن يؤدي إلى هذه النتيجة، اختلال التوازن لصالح إسرائيل، كامب ديفيد، التحول الاستراتيجي والشرخ الذي فتح الجدار للتطبيع مع إسرائيل، واستبدال المشروع الإقليمي العربي بنظام الشرق الأوسط الكبير الذي يستهدف قتل المشروع العربي وتصفيته، وخلخلة دعائم المقاومة وتصفيتها إن أمكن، وبالتالي تتمكن إسرائيل أداة الامبريالية المتفوقة عسكرياً واقتصادياً، من إخضاع الأمة العربية وامتصاص ثروتها ومنافعها، واستخدام العمالة العربية لتشغيل اقتصادها.
مشروع التطبيع وحل الخلافات بالتفاوض عبر ما سموه السلام الضروري، وليس السلام العادل، ومشروع الشرق الأوسط الكبير، والحفاظ على أمن إسرائيل، تلك الموازين التي أفرزتها تلك الأنظمة المرتبطة بالمصالح الأمريكية والامبريالية الغربية، وعلى العرب أن يقبلوا بالدور الأدنى، والاستسلام التام، واجتثاث الجذور، والقضاء على الهوية العربية .

أترك تعليقاً

التعليقات