البرهان حليف العدوان
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
أصبحت الرؤية واضحة، والأمور راكحة، واستطاع البرهان بعد ساعات معدودة من اجتماعات عقدها مع الموفد الأمريكي، أن يعلن الانقلاب واسترجاع سلطة العسكر والتبعية للمشروع الأمريكي، وإعلان حالة الطوارئ، وحل مجلس السيادة الذي كان يشرف على الانتقال إلى الحكم المدني، واعتقال رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، وتعليق عدد من المواد الخاصة بالوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، وخيانة الثورة الشعبية والعملية الانتقالية السلمية، وإصدار الأوامر إلى الجيش بقمع أي تحركات شعبية مقاومة للانقلاب، خصوصاً بعد إعلان الحكومة "الشرعية" العصيان المدني وتضامن تجمع المهنيين معها.
قرارات البرهان التعسفية أججت ضراوة المقاومة ووحدت الشارع؛ ذلك الجدار الصلب والعائق الأكبر أمام البرهان العاجز تماماً عن إدارة أزمة خلقها لنفسه، ولا يدرك كيف سيواجه الرفض الشعبي الذي انتقل من الاحتجاجات إلى العصيان المدني.
البرهان متأصل في العمالة والخيانة وفاقد حس الانتماء الوطني والقومي، ومكشوف الصدر والظهر، ويتقاسم مع الصهاينة والأمريكان والسعودية الدناءة والإجرام والعدوانية والمؤامرات ويدفع بأبناء السودان الشقيق دفعاً في اتجاه محارق الموت المحتم والانحدار الأخلاقي والديني والإنساني.
خطط البرهان الدموية واضحة، وأيضاً علاقته المشينة بالتحالف السعودي الإماراتي لا تخفى على أحد، فقد كان في عهد البشير مُشرفاً على إرسال القوات السودانية لدعم تحالف العدوان على اليمن، واستمر في إرسال القوات حتى بعد الإطاحة بالبشير رغم كل الضغوطات المحلية، والآن يستجدي الرعاية مثله مثل قطيع الغنم أو البقر التي تحتاج إلى راع أو أكثر، وهناك والحمد لله راعيان كبيران (أمريكا والسعودية)، بل عدة رعاة، إذا أخذنا بالحسبان أوروبا بدولها "الرشيدة" والتي تدعي الحرية والديمقراطية وبنفس الوقت تدعم الإرهاب وتطلقه إلى ما وراء الحدود والبحار لتدمير أية فكرة ثورية، وتضع أمامها سحق أي ثائر قبل أن يهدد خطره مصالحها. ومن الطبيعي في كل مرة أن يتراجع الوعي والقانون أمام الانقلاب العسكري ويرتسم تصدع حقيقي في بنية العدالة والوطنية، وتتعمد تلك الدول "المتحضرة" الصمت القاتل عن مآسي الشعوب في أسباب الاعتداء عليها وأسباب فقرها ومجاعتها وتشردها وتمزقها وخرابها والتلاعب بمصيرها وتدبير الانقلابات العسكرية.
أمريكا هي التي أخرجت البشير من الباب وأعادت البرهان والعسكر من النوافذ بذريعة تصحيح المسار، والظروف الاستثنائية، والسياق الإقليمي، ودائماً ما يتذرع مهندسو الانقلابات في المنطقة بمثل هذه الذرائع ويعتبرون تحركاتهم امتداداً للثورة، والفارق الوحيد هذه المرة أن البرهان كان بحكم الأمر الواقع رئيساً للبلاد وبحكم ترؤسه لمجلس السيادة، وما قام به إلى حد الآن هو تكريس مكانته وإزاحة أبرز خصومه، أي الطرف المدني.
البرهان لم يستطع أن يقود السودان دون واجهة عسكرية تضمن له انقياد القوات المسلحة، ويعلم أنه لن يستطيع ضمان ولاء القوات المسلحة كلها دون مليشيات دموية تخدمه، ولذلك يحاول منح الضوء الأخضر لتحويل المليشيات القبلية إلى قوات "دعم سريع" تعمل تحت إمرته. خططه الدموية واضحة وأيضاً علاقته بالتحالف السعودي الإماراتي، وهناك وعود خليجية له بتدفق الأموال والمساعدات فور استيلائه على السلطة.
أمريكا وأدواتها في المنطقة لا تريد أن تشكل هذه البلاد الفقيرة المحاطة بأنظمة ديكتاتورية استبدادية واحة للديمقراطية.

أترك تعليقاً

التعليقات