عودة الراتب الضال
 

طاهر علوان

على الرغم من كثرة القضايا الهامة المثارة في وضع الجبهة الداخلية، وأيضاً القضايا الأكثر أهمية ومكانة في الجبهات والحدود والمحاور المتعددة، والخناق الاقتصادي، وكارثة المشتقات النفطية والغاز المنزلي والمستوى المعيشي المتردي والغياب المفاجئ للبطاقة التموينية، وأزمة الرواتب المستفحلة والمستعصية على حكومة الإنقاذ، كل تلك الأزمات التي تفرض نفسها بقوة كأكثر القضايا حيوية واهتماماً تمس جوهر وصميم حياة المواطنين في الشارع اليمني وفي مختلف الأوسط السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبعد زوال بعض العوائق وقمع الفتنة والمعضلة الكبرى والفساد الذي كان الضاغط على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وعموم المواطنين ينتظرون بفارغ الصبر عودة النصف الراتب الضال سالماً إلى جيوبهم بعد أن عشش فيها الفقر وسكن الضنك وتمرغ التقشف والمذلة والمهانة في صميم حياتهم، وأصبح الريال العزيز المتغطرس شحاً حتى رؤيته، واحتجب عن الأنظار. 
واقع مؤلم يتجسد أمامنا كل يوم، وهو إن دل على شيء، فإنما يدل بشكل صارخ على افتقاد الجدية لدى العقلية التي تخطط لحل الأزمات، وخاصة أزمة الراتب المرتبط بلقمة عيش المواطن، وتماسك الجبهة الداخلية، واستقلال الوطن، ومع ذلك لازلنا نطلق دعواتنا الصادقة والمخلصة من وراء جدران وقلب كل بيت، دعوات تصل إلى عنان السماء بالنصر العاجل، وبعودة الراتب الضال، وعودة الحكومة إلى رشدها، وابتعادها عن الفساد والتخبط بين الأزمات المفتعلة في هذه اللحظة الراهنة والفاصلة والمنعطف التاريخي لأمة في مفترق الطرق يحاول العدوان الظالم ويسعى إلى تدميرها وإيصالها إلى حافة الانهيار التام، والمجاعة، والتراجع والاستسلام، والعودة إلى الوصاية والتبعية الاقتصادية المطلقة للخارج، وهي سياسة يرفضها شعبنا.
حكومة الإنقاذ وتخبطاتها واجتماعاتها المستمرة دون أن يلوح في الأفق مخرج واضح ومحدد تبنى عليه الآمال، والتوصل إلى حل نهائي لهذه الأزمات ولو بالتقسيط المريح، وأغلب تلك الأزمات متعمدة ومفتعلة من قبل بعض المتنفذين والمتواطئين والمتورطين بالفساد، ومحاولاتهم طمأنتنا وبصفة مستمرة بأن الأزمة على وشك الانتهاء بوعود كاذبة ومستهلكة، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن كافة ظواهر الأزمة لازالت راسخة وقابعة في مكانها لا تتزحزح، تتربص برقاب موظفي الدولة والقطاع العسكري، وليس ذلك فحسب، بل تظهر من وقت إلى آخر بعض الأحداث التي تعمق من هذه الأزمات، وتعيد الدائرة إلى بدياتها في الدوران المتعمد في هذه الحلقة المفرغة، وهذا يتم بسبب أن من بأيديهم الحل والربط لا يتصورون أن تلك الأزمات والكوارث ومضاعفتها بهذه الضخامة لابد أن تسفر عن أضرار جسيمة في الجبهة الداخلية وعلى مستوى جميع الجبهات والمحاور القتالية، وعلى حساب أمن واستقرار واقتصاد الوطن، لذا لا بد من وضع ضوابط وحلول سريعة لإيقاف التدهور، والإقدام على خطوات حازمة وملموسة من قبل حكومة الإنقاذ، ووضع حد لهذه المهزلة، ودون ذلك فإن الدوران ذاته سيستمر، والأزمة ستظل تقبض على رقاب الجميع ودون استثناء، وأي تراخ يعني استمرار الأزمات، ولابد من التعامل بروح الحسم والحزم، وخاصة أن هناك الكثير من القضايا الحساسة تفترض أن توجه لها حكومة الإنقاذ كل عناية واهتمام بما يتوافق مع الانتصارات في جبهة القتال والحدود والمحاور، ولا يمكن للجماهير الصامدة أن تسير خطوة إلى الأمام ثم تتراجع خطوتين إلى الوراء، بل المسيرة دائماً خطواتها ثابتة إلى الأمام وبلا تراجع.

أترك تعليقاً

التعليقات