خونة على موائد اللئام
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / #لا_ميديا -

من حقنا ألا نكون شهود زور إزاء ما يمكن اعتباره المنعطف التاريخي لتحقيق آمال وأحلام المستضعفين والكادحين بعد نضال ومعاناة وتضحيات كل شرفاء هذا البلد الحبيب، وبعد طول انتظار تمكن الشعب اليمني من التخلص من نظام الوصاية السعودية وعبودية الإقطاع والعسكرتارية الأسرية الظالمة وكل الذين تاجروا بالأرض وبلقمة عيش الكادحين والفقراء وبدموع الثكالى والأرامل والأيتام، ولا أبتعد عن الدقة إذا قلت إن المزاودة مرض خطير، وإن المناقصة أيضاً مرض أكثر خطورة وأبعاده أكثر تدميراً في قضايا مصيرية تتعلق بحياة ومصالح أمة بكاملها، ولاشك أن الموقف الوطني الصادق يتطلب قوة المنطق واستناداً أكيداً إلى إدراك الحقائق المتجسدة على أرض الواقع من انتصارات ومواجهات بكل الأبعاد الاستراتيجية سياسياً، وعسكرياً، ودبلوماسياً، وأخلاقياً.
فشل العدوان الكوني الحاقد وأدواته من خونة، ومرتزقة، وفئات ضالة، ودماء فاسدة، وتحالفات أهل اليمين واليسار، وابتدأ سقوطه لحظة مولده حتى أسدل الستار على نهايته المحتومة، قوى تريد سحقنا وتدمير حضارتنا وتاريخنا وذبحنا من الوريد إلى الوريد، من العيون إلى الأقدام، من الرضيع إلى الطفل، وبالرغم من كل هذا الحقد على شعبنا لم يقلع هؤلاء الأقزام الخونة عن عادة الصعود إلى الهاوية، والدخول في متاهات الظلام، وتعاطي المخدر النظري الذي يتدفق داخل عروقهم كي لا ينفعلوا ولا يتفاعلوا حتى ولا يحسوا أو يحاولوا مجرد المحاولة الخروج من العزلة الفكرية والنفسية وعقدة المذهبية والمناطقية والضبابية والتخبط العشوائي والمحاولات المتكررة لاستعادة شيء من المصداقية التي فقدوها تماماً، مجموعات قائمة على أسس في حدها الأدنى غير وطنية، فالحالة التي نحن فيها مهما كان مستواها، ومستوى حديتها وأبعادها، تبقى حالة تستمد حقائقها ووقائعها من حقيقة خياراتنا ووقائع تعاطينا معها، وحسماً لأي التباس فإن كل من شارك في دعم العدوان والتضامن معه ضد تحالف شعبنا وقيادته الثورية يعتبر شريكاً متواطئاً مع حالة اللاوطنية، الخونة والمرتزقة والفئات الضالة من اليمين إلى اليسار غرباء عن هذا الوطن مثلما تكون أرضنا غريبة عنهم اسماً وانتماءً ووجوداً، ويتضح جلياً أن هؤلاء الأقزام الخونة يعانون من أزمة هوية، ويحاولون تدمير عشقنا وفك ارتباطنا بوطن حر موحد سعيد، فالهوية الوطنية لا تصنع بقرار ولا بالدعاء الكاذب ولا بمجرد الشعور العفوي بالانتماء إلى وطن له امتداد جغرافي وتاريخي معينين، لا بد أن يمتد الوطن إلى قلوبنا وعقولنا قبل أن نمتد به علواً ونهضة وتقدماً، لا بد أن نتحد بالوطن قبل أن نتحد فيه، لا بد أن تتحد مصالحنا بمصالحه، وأهدافنا بأهدافه، ووجودنا بوجوده، ومستقبلنا بمستقبله، لا بد أن نراه في أنفسنا قبل أن نرى أنفسنا فيه، وأن يعيش في وجداننا كي نعيش في ربوعه، وأن يكون آمناً لكي نستطيع العيش آمنين فيه، ولا بد أن يكون حراً لكي نكون أحراراً به وفيه، وأن ترتفع راياته خفاقة تعانق الثريا كي ترتفع به وله هاماتنا، وأن يكون الوطن لنا كي نكون له، وإلا فلا نحن للوطن ولا الوطن لنا، وأجدر بنا وبه أن نبحث عن هوية جديدة وانتماء جديد. 

أترك تعليقاً

التعليقات