لعنة الجغرافيا
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
العدوان عمل إجرامي بغيض ومقيت وضد المشاعر والأخلاق الإنسانية النبيلة، مشاعر وأخلاقيات لا يعرفها ولا يحب معرفتها تحالف العدوان الكوني والشركات الأمريكية وتجار الحروب الذين يعتاشون عليها ومنها ولا يهمهم أن يعيش العالم الكوارث والنكبات والمآسي والمعاناة والدمار والهواجس والكوابيس، يتحسب لعمليات لاحقة نووية وحروب جرثومية.
الشعب اليمني أكثر الشعوب معاناة من الحروب. سبع سنوات من القصف والدمار والحصار والقنابل العنقودية والأسلحة الفتاكة والانتهاكات غير الإنسانية، والعالم المنافق لا حس ولا خبر، صمت القبور، وتجاهل تام، وعدم اهتمام. وخلال أيام معدودة من أزمة أوكرانيا تحول العالم المنافق إلى بوق دعاية وعنوان بارز لتضامن دولي غير مسبوق.
تلك الأيام القليلة كانت كافية لترتفع الأصوات في الغرب والشرق شاجبة ومنددة ومستنكرة لما يجري في أوكرانيا من تدخلات، وتحت شعارات رفض التدخل العسكري ودعم الحوار وعدم المساس بخيارات الدول وحريتها واستقلالها السياسي وتوجهاتها الاجتماعية.
وبغض النظر عما إذا كانت تلك الأصوات صادقة أو مساندة للديمقراطية ومدافعة عن مصالح أوكرانيا واستقلالها السياسي، أم أنها نكاية بروسيا وفتح جبهة دولية عريضة ضدها لاستهلاكها واستنزافها واحتوائها، فإن هذه الدعوات والأصوات المرتفعة لم نسمع مثلها ولو همساً طوال العدوان الكوني المستمر للتحالف الأمريكي - السعودي - الإماراتي على أرضنا واستقلالنا وحريتنا. ومن يرفضون التدخلات اليوم في أوكرانيا هم من يقود العدوان المدمر الظالم علينا، هم من يسعى لاحتلالنا واستغلال ثرواتنا ومواقعنا الاستراتيجية، هم من أعلن العدوان والتدخل في شؤوننا وتوجهاتنا السياسية والاجتماعية، واليوم يتسابقون لدعم الحرية والاستقلال والديمقراطية في أوكرانيا، وتقديم المساعدات “الإنسانية” والمرتزقة والتسهيلات الاقتصادية والعسكرية والمهمات المشبوهة، وتقديم الأسلحة الجرثومية الفتاكة وفرض العقوبات القاسية على روسيا والحصار الاقتصادي والثقافي والرياضي والإعلامي، لمجرد أن روسيا تدافع عن أمن حدودها من غزو عسكري ونووي.
ويتسابق الغرب بضغوط أمريكية واستجابة لأوامر ومخططات وطاعة لسيدة العالم إمبراطورية البحار والأجواء، بتسليح أوكرانيا واستغلال موقعها الجغرافي وقربها من حدود روسيا ومحاولات أوكرانيا المستمرة الانضمام إلى الحلف الأطلسي (الناتو) والذي يشكل خطورة أمنية نووية على روسيا.
الموقع الجغرافي له خاصيته، إما أن يكون نعمة تفيض بالخيرات، وإما أن يكون نقمة تتسبب بالكوارث والاعتداءات.
إن حقائق الجغرافيا تفرض نفسها على الأقربين. فقربنا من مملكة الشر السعودية، اللعنة الجغرافية التي ندفع ثمنها طوال عشرات العقود، ندفع ثمن موقعنا الاستراتيجي وعمقنا التاريخي والحضاري الموحد والمتصل الذي يجعلنا الدولة الوحيدة في الجزيرة العربية التي تمتلك هذا العمق في ظل مليكات وإمارات لا يتجاوز تاريخها بدايات هذا القرن. قربنا من عدو عمل ويعمل على إذلالنا وزوالنا مرة واحدة ودفعة واحدة، يمتص كل حاضرنا ومستقبلنا، كل ثرواتنا ودمائنا وكل ما فينا، حتى النخاع.
عدوان دائم على سياستنا وحريتنا وتاريخنا وجغرافيتنا، على برنا وبحرنا، على مصادر أرزاقنا، ويجعلنا نعيش الفقر والضياع والتشرد، فرض علينا الوصاية الدائمة والمجاعة الدائمة، ونحن البلد الطيب الذي ينتج الخيرات ويزرع طوال العام {بلدة طيبة ورب غفور}، نمتلك كل مقومات الحياة الكريمة والعز والغنى بعيداً عن الوصاية السعودية وحلفائها.

أترك تعليقاً

التعليقات