شاكي باكي
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
شبعنا أسفاً ووعوداً وكلاماً لا طائل منه، واستسلاماً لواقع اقتصادي متردٍّ لا مبرر له. شبعنا شُكى وبُكا والعيش على هامش الحياة وخارج الأزمنة والعصور ولقمة سائغة على موائد ذئاب العدوان وثعالب المنابر والوعود الكاذبة، غير مهتمين بالمآسي التي نعيشها وبالأزمات الاقتصادية الخانقة والقاتلة والحصارات وتبعاتها الثقيلة والاختناقات المعيشية وعدم صرف المرتبات... وكأنَّ كل ذلك لا يعنينا ويحصل في كوكب آخر.
نتحدث بأسف بالغ عن النزيف الخطير في خاصرة الوطن والمواطن، وتذهب همساتنا في سراب الصحراء، ولا تشي بأوجاعنا إلا للرياح فقط. إن موتنا غير مبرر، وفقرنا غير مبرر... وإن الوضع لم يعد يحتمل المبررات، ونحن نمتلك القدرات والإمكانيات والأرض التي تختزن ما يشبع شعوب الأرض.
لدينا الإمكانيات والكوادر المتخصصة علمياً في جميع مجالات الحياة، كوادر وإمكانيات تمكننا من الخروج من كل الأزمات الاقتصادية والسياسية والثقافية. ولكن للأسف حقاً تلك الإمكانيات مهدورة ونعبث بها، والقدرات المؤهلة علمياً مقيدة ومجمدة ومبعدة عن موقع القرار وتعاني من الإحباط والانزواء والانطواء، نتيجة إهمال السلطة لها وعدم إعطائها الفرصة وحق الممارسة العملية والفعلية التي يكفلها القانون والدستور وكل التشريعات والمشروعات الوطنية والثورية.
كوادر معطلة لا تمارس مجالات تخصصاتها العلمية على أرض الواقع، نتيجة المحاصصة في الوزارات والمواقع الإنتاجية والثقافية، وأيضاً لعدم وجود الخطط الاقتصادية والبرامج العلمية المفترضة للتنمية، وتغافلنا أيضاً عن مشروعنا الثوري تحت مبررات واهية: الهدنة الزائفة، وحالة اللاحرب واللاسلم، وسيطرة الفساد وإلقاء الحمل كل الحمل والمخاطر والأزمات المعيشية على الغير. تلك هي رغبات العدوان الهمجي الظالم وخططه، أن ننغمس في حالة اللاحرب واللاسلم، نبتعد عن مشروعنا الثوري في تحسين ظروف وحالة الناس المعيشية.
نبتعد عن كوادرنا المؤهلة والمتخصصة علمياً، لكي لا نستفيد منها ومن قدراتها العلمية وأدمغتها المتفوقة والتي تتفتق عبقرية وإبداعاً.
لا بد من تأمين الوسائل الضرورية للعقول النيرة والمتخصصة في جميع المجالات العلمية، الاقتصادية والسياسية والثقافية، من أجل خلق الإمكانات الحقيقية للتغيير الجذري والنهضة الشاملة والخروج من أسر العدوان بأشكاله المختلفة، وبالاجتهادات القادرة على صنع المستحيل وتحديث المجتمع وخلق الوعى الوطني ورفع المستوى الاقتصادي والثقافي والسياسي.
وإن لم نفعل ذلك نكون أنظمة وشعوباً قد أعلنا استقالاتنا الجماعية من مسؤولياتنا التاريخية والوطنية والحضارية. لا بد من أن نستمد حقائقنا ووقائعنا من حقيقة خياراتنا ومشروعنا الثوري، نتعاطى معها بكل جدية، ونحن من بدأنا برفع السيف البراق ضد الظلم والاحتجاج على ذاكرتنا الميتة.
قد يُقال بأن خطراً خارجياً يهددنا إن لم نرضخ للهدنة وحالة اللاحرب واللاسلم؛ ولكن في ظل موازين القوى وامتلاكنا الصواريخ والمسيّرات وصمود رجال الرجال فإن الخطر سيبقى وراء الحدود والأسوار. المهم هنا أن نعرف أي الطرق يجب أن نسلك، وأي موقف يجب أن نختار، ولا شيء من خارجنا، لا شيء.

أترك تعليقاً

التعليقات