الموقف الرمادي
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
السعودية والإمارات وكيانات خليجية أخرى أدوات أمريكا في المنطقة بدأت تتلمس المتغيرات الحاصلة دولياً وإقليمياً، متغيرات ليس لصالح أمريكا، وبدأت تفقد الثقة بشبكة الأمان الأمريكية، وبدأ التردد والارتباك في إعلان موقف واضح مما يحصل في أوكرانيا، بعد أن تخلت أمريكا عن عميلها في أوكرانيا وتركته يواجه مصيره لوحده واكتفت بالصلاة والدعاء له. أمريكا لا يهمها إلا بقاء مصالحها، لا يهمها الدب الداشر ابن سلمان، ولا الرخو ابن زايد.
تلك هي أمريكا ومواقفها من أدواتها الرخيصة الذين تستخدمهم عند الحاجة كأدوات ووسائل لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والعسكرية وتتخلى عنهم بعد استهلاكهم وامتصاص قدراتهم وثرواتهم، والشواهد كثيرة في هذا المجال، حصل ذلك في لبنان وفيتنام وأفغانستان وإيران، والدور القادم على تلك الكيانات الهزيلة التي تم وضع اليد عليها وعلى ثرواتها، السعودية والإمارات وكيانات خليجية أخرى.
أمريكا إمبراطورية الكذب والنفاق والبلطجة والازدواجية واستغلال الإنسان، ومهمتها الأساسية مصادرة حرية وثروات الشعوب وتشكيل مرتزقة ومافيات إرهابية في العالم لخدمة أهدافها ومصالحها، لا يهمها أخلاق أو مبادئ أو مشاعر إنسانية. نحن الآن أمام إعادة كتابة تاريخ العالم، مشاهد لا تنسى، مواقف، ومصائر شعوب، مسارات ثورية مقاومة وصراعات تاريخية انكسرت فيها وطنيات وحوصرت هويات واغتيلت شخصيات أممية ونفوس ضاقت بما عانته وقاسته وتحملته، وزعماء سياسيون وعسكريون هزموا، بعضهم مطارد وبعضهم مطلوب لقانون أملته شروط الغلبة، وأمريكا تخلت عن الكل بعد وعود كاذبة مخادعة. والدور الآن على أمريكا بعد انتهاء عصر الأحادية القطبية، ولا بد أن تدفع ثمن قطبيتها واضطهادها واحتكاراتها واستغلالها للإنسان وقتلها وتدميرها وسفكها لدماء البشرية وإبادة شعوب بأكملها.
أمريكا الآن، وهي في ذروة جبروتها وعنفها، تبدو وقد أدركها الضعف في ذروة قوتها، وحلت بها لعنة وكارثة أوكرانيا، التي أصابت كبرياءها وهيبتها في الصميم، فتحولت إلى وحش هائج يتحرك في كل اتجاه ويخبط خبط عشواء وسقط القناع. وذلك الاعتقاد بأن أمريكا قوة عظمى، ولكنها ليست الأعظم، أمريكا كانت تمثل دور الشرطي الدولي وتلك القوة الجبارة. انتهى ذلك الدور أمام روسيا العملاقة عسكرياً واقتصادياً، إضافة إلى حلفائها الأقوياء، فالعالم كما تراه أمريكا شيء، وأمريكا كما ينظر إليها العالم والحلفاء والأدوات شيء آخر. المصالح أولاً بالنسبة لأمريكا والاقتصاد هو المبتدأ والخبر، لا الحرية ولا الاستقلال ولا الديمقراطية يهمها أبداً.

أترك تعليقاً

التعليقات