عانقوا منتخبنا الوطني
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
حقق منتخبنا الوطني للناشئين الحاملين هوية وأوجاع أمة بأكملها، انتصارات اعتقدها الكثير معجزة تولدت دوافعها من جملة تراكمات تجمعت من القهر والظلم والفقر والعدوان، فإذا بهذه التراكمات التي تخزنت في أعماق شبابنا تتفجر مثل حمم البركان إلى انتصارات، وهاهم أشبالنا أيضاً يحققون المعجزات.
وليس جديداً على هذا الشعب العظيم اجتراح المآثر وتحقيق المعجزات، وتأكيد الثقة في ديمومة الانتصارات والبطولة في كل مجال يقتضيه الصمود والثبات. لقد خططوا للانتصارات دون أن يموهوا أي شيء. كانت الأسماء يمانية والمنتخب يماني 100%، وكانوا أصلب عوداً في مواجهة الصعوبات، برغم التفاوت الهائل في الإمكانيات المتوفرة للخصم، وبجهودهم الخاصة وإيمانهم الخاص وباندفاعهم الخاص قاد منتخبنا مبارياته وانتقل بها من نصر إلى نصر دون أن ييأس أو يحبط أو يستسلم.
منتخبنا يحمل معنى الحب للوطن، معنى الحياة الحرة والتفوق، معنى الفرح، معنى الإبداع والخلق، معنى الاهتداء إلى الانتصارات النظيفة. منتخبنا لم يفقد قدرته على مواجهة "العواصف" ومغالبة لغة النار، وكان أقوى من الاختناق بقوته الإبداعية المشحونة بالحماس الوطني والالتحام والانقضاض والتوغل دون تردد أو فزع، ومحمولا على أجنحة تلك الأصوات الهادرة التي علت المدرجات وشوارع وأزقة الدمام وشوارع صنعاء وعدن تضامنا مع منتخبها الوطني يهتف بصوتها الوحدوي الموحد: بالروح بالدم نفديك يا يمن"، تعلن بصوت الرفض المدوي للتشطير والتمزق، تعلن أيضاً الرفض بالفم الملآن لزمن الانهزامية الذي ولى وإلى غير رجعة.
منتخبنا الوطني بإرادته الحرة رسم الحد الفاصل مع زمن الانهزامية والردة المشؤومة والخضوع، وفتح الطريق أمام زمن الانتصارات، وكل لحظة هي الآن نقطة انعطاف نحو الانتصار والحسم الأخير، لأنها لحظات مكثفة وخصبة في آن معا، وليس ثمة فيها أي غموض أو التباس.
إن جميع قضايانا ومشاكلنا ومقومات وجودنا موضوعة في سلة واحدة ودفعة واحدة أيضاً. وإن الانتصارات لا تحدثها المغامرات وسوء التخطيط. الانتصارات هي نتيجة تراكمات وتغيرات وحركة منظمة يتدفق من خلالها الطوفان الثوري الذي يجرف في طريقه الشعارات الاستعراضية والفساد، ويشكل الحماية والسد المنيع لكل انتماء وطني وشريف. الانتصارات لا ترسخها قاعدة ترتج في أعماقها، وتحتك داخلها كتل سياسية متناقضة زلزالية، فالترسخ يحتاج إلى حفر يمد عمقه في تربة ليست صلصالية أو رخوة، تربة تحتمل البناء مهما كان حجمه ووزنه.
النظام السعودي المتهالك لم ينتج بإمكانياته الهائلة سوى دكتاتورية القمع والقتل والعدوان والإحباط واليأس والفقر والمجاعة والعقل المتقاعد والغايات التافهة، ولم يحصد منتخبه أمام أبطالنا الناشئين غير خيبات الأمل والإرادة المتهاوية، وأثبتنا للعالم أننا نتمتع بعزيمة وممانعة ومناعة حضارية ضد الذوبان في بحر العدوان والظلام والعجز والفشل، ولم يخيب منتخبنا آمال تلك الأصوات الهادرة التي كانت تهتف: "بالروح وبالدم نفديك يا يمن"، تهتف لليمن الموحد، وإسقاط كل المعادلات والتحالفات السياسية الخائبة والخائنة، وموازين القوى المتناقضة. أشبالنا أخرجونا من "الأمر الواقع" وحساباته العاجزة لينقلونا إلى "الأمر الموفر" وإمكاناته وقدرات يملكها إنساننا، وهي مستعدة للانطلاق والانبعاث من غير أن يضغط على زرها أحد.

أترك تعليقاً

التعليقات