عشيرة الشياطين
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
عشيرة الشياطين، قاتلة الطفولة والبراءة، بسجلها الأسود من التاريخ الإجرامي لقتل وامتهان ومعاناة الطفولة، تعزي أسرة الطفل الحبيب ريان، وتسارع إلى تسويق عواطفها الكاذبة والمخادعة والمنافقة إلى العالم. تلك العشيرة الشيطانية هي نفسها من قتل ويقتل آلاف الأطفال في اليمن.
7 سنوات و3 ملايين طفل يمني يتعرضون للقصف والموت تحت الأنقاض، أنقاض أكثر قسوة وظلمة وعتمة ووحشة من ذلك البئر الذي احتضن الطفل الحبيب ريان وجعلنا نعيش معه أياماً وليالي ولحظات قاسية ومؤلمة، نتابع لحظة بلحظة مأساة الطفل الحبيب ريان، حيث خيم الحزن كل أرجاء اليمن ووشحت صنعاء بالسواد لحظة وداعه، وقطرت قلوبنا دماً لموته ووداعه الأخير.
وفي اللحظة ذاتها، طاف شريط طويل مقيت محزن عرضته عليّ الذاكرة: صرخات أطفال قضوا تحت الأنقاض، وأطفال نجوا بأعجوبة بعد أن فقدوا أفراد أسرهم نتيجة القصف العشوائي والمجازر الشنيعة، وبحور من الدماء وهمجية تحالف العدوان (الأمريكي ـ السعودي ـ الإماراتي) المتوحش... شريط مروع ومؤلم، به ملامح بريئة اغتيلت في مهدها، وصرخات ألم لا يمكن أن تنتزع من الذاكرة البشرية، ودموع لا تجرؤ يد على الاقتراب من لهيبها لتمسحها، وحمامات دم راح ضحيتها آلاف الأطفال دون ذنب واحد اقترفوه سوى أنهم أرادوا أن يعيشوا بسلام في وطنهم وفي ظل نظام خالٍ من الوصاية الأجنبية.
أي منطق يمكن أن يفسر حجم بشاعة المأساة التي عبرت عنها دموع «بثينة» فأبكت الذين تابعوا صرخاتها وهي تقلب جثث أفراد أسرتها، الأم والأب، بعد محاولتها الصعبة فتح عينيها لتجد أن أفراد أسرتها قتلى يلفهم الصمت والدم والموت؟! ما الذي يمكن أن يمسح من الذاكرة تلك المشاهد المرعبة والمؤلمة لهدى وهشام ورهام وأيمن وأمجد وإيمان وسبأ وثريا وأشواق... والأطفال الخمسة، منهم طفل رضيع في عامه الثاني لم يفطم بعد من حليب أمه، وطفلة لم تتمكن من إدراك أن والدتها قد رحلت فظلت تبكي مطالبة بحضنها حتى بعد أن أخذت إلى المستشفى وحاول الجميع إفهامها بأن ماما لن تعود قريباً؟! ذئاب تتربص بأطفالنا في كل لحظة، تتربص بوجودنا كله، كما لو أن ساعة الانقضاض قد حانت.
تلك العشيرة الشيطانية تسخر من العالم وتهزأ وتسوق للعالم وهم الاعتقاد بأنها تخلت عن وظيفتها الأساسية في الحياة، تخلت عن أهم أدوارها الإجرامية: العدوان وقتل البراءة وقتل الأطفال والتدحرج في وحل الخداع والانحطاط، بينما هناك حالات فريدة من جرائم العدوان البشعة والتي أصبحت ترتكب بدم بارد يومياً ضد الأطفال، فالمجازر التي قام بها تحالف العدوان ضد الأطفال تحمل في طياتها جرائم حرب لا يمكن للضمير البشري تحملها وتستلزم تحقيقاً دوليا فورياً حول الوضع المخزي الذي يعامل به الأطفال، أطفال يقصفون، يجوعون، يتألمون، يستنجدون، يصرخون، فلا مجيب ولا مغيث ولا إدانة ولا تعاطف ولا ضمير، ولا حياة لمن تنادي!
جوارح فقدت إنسانيتها وعواطفها الزئبقية وكل ما يتعلق بالمشاعر والمميزات البشرية وانتهت إلى حالة الإباحة البهيمية، ولم تعد لها علاقة بالقيم الإنسانية والأخلاقية، وليس لها جذور حضارية أو ثقافية.
أي مستقبل يمكن تصوره عندما يتم اغتيال وتدمير وإبادة أسر بكاملها دون ذنب واحد اقترفوه سوى أنهم حملوا رغماً عنهم ميراثاً بغيضاً وثقيلاً من الكراهية والحقد والعنف والأيديولوجيات العقيمة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات