الخيار المصيري
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

خيارنا المصيري والوحيد بناء وطن من غير تمويه أو التباس، وطن دون عكازات إقليمية أو دولية، دون خريطة ملدوغة بألف سم وسم، دون مناورات أو استراتيجيات قادمة بالإحباطات وبتلك الوعود الفارغة والمثقلة بأشواك الفقر، خياراتنا ليست أحلاماً كبيرة وفضفاضة سرعان ما تعود الحقائق لتصدمها، خيارنا الأول والأخير ضد شياطين الحرب المسعورة التي أطلقت عفاريت العالم من جحورها المنتنة وقماقمها الموصوفة بالطائفية والفتنة الملعونة والإرهاب وسفك الدماء وشغف جنوني بإهدار دماء من يحلمون بالحرية والكرامة والاستقلالية.
خياراتنا جاءت لتضيء معالم طريق تراجع فيه بزوغ الفجر، ومحاولات أزاحت القضية عن مواقعها، ولم يدركوا أن حياتنا وموتنا سيمدان مفاعيلهما إلى مساحات أخرى، إن موتنا لن يتوارى إلى حيث لن يعود، وإنما سيكون مثل الشمس يشع ويستبيح الظلام ويسري في العروق سريان الدم، ويزيل نكد السنين وتعب العمر، ومستقبلنا المستباح من أجل يمن ديمقراطي ومستقبل موحد يحمل للأجيال أمة محررة من التبعية والاستقلال والفساد، أمة لن تقبع في الجزء الرمادي من الواقع، وإنما في مواقعها المتأصلة، مقاومة وصموداً ومواجهة في قلب التاريخ الصاخب والأحداث الجسام وضخامة الدور والموقع ومن نسيج تلك المعادلات التي ترتدي هويتنا الوطنية والقومية وتخطو نحو المعاصرة بإرادتنا الصلبة والمتفائلة، لا نقلل من خطورة الطريق وصعوبة الأحداث التي نشبت بمكاسبنا التي صنعناها بجهادنا لنخرج من الكم الهائل من الخراب، من انعدام الضمير والقهر، لنخرج من الوعي الزائف إلى الوعي الحقيقي الوطني والثوري، لنكسر القيود الفولاذية وأيضاً القيود الإلكترونية، والعبور إلى وطن الأوطان لن يجد سبيله بغير الممر الصعب، بغير التضحيات، بغير صدام ومواجهات عنيفة مع كل المؤيدات السلبية التي أدت إلى استمرار العدوان والحصار والشتات والتمزق والدمار، ولن نندس بعد اليوم بين ذهنيتين انفعاليتين؛ ذهنية اليمين المتطرف، وذهنية اليسار الانتهازي، لأننا نحمل السمة النوعية في وحدة الفكر الوطني ووحدة الأرض والغايات والأهداف، نخاصم الأشباح وتداعيات الإحباط والضياع، نجاهد من أجل الفصل بين الحياة والموت، بين الانبعاث والانكفاء بمشروعنا الإنساني الأممي القادر على إعطاء معنى للحياة والتاريخ، لا نقبل خلطاً بين الضعف والقوة، ولا نعالج الخيارات المصيرية برأفة قلب، ولا نقبل الشراكة مع الفساد، المصائر لا تقبل النوايا، وحقائق العلاقات أساسها موازين القوى وليس موازين الأحلام والانبطاح والأوهام التي تبنى على الرمال المتحركة تهتز من أول حركة للرياح الموسمية الآتية من وراء البحار، لن يمروا من هنا فمشروعنا الثوري وخياراتنا الوطنية تحمينا، وإرادتنا الصلبة ويقيننا وثقتنا برجال الرجال سنقاوم ونقاتل حتى إسقاط الأسرة الطاغية وبطريقة علانية وليس عبر المؤامرات السرية والمخابرات والانقلابات العسكرية، وإنما بصمود رجال الرجال وبالصواريخ والطائرات المسيرة وكل الحلول التي يصنعها الأقوياء، وماعدا ذلك يصبح نوعاً من الادعاء، ويبقى العدل دون قوة حلم الضعفاء.

أترك تعليقاً

التعليقات