أحزاب المشترك بين الخيانة والوطنية
 

طاهر علوان

تكمن مأساة أحزاب المشترك الفكرية، والعملية، في افتقارها إلى المنهجية، والعقلية المنظمة، والتخطيط المبرمج على أساس واقعي يلبي احتياجات ومتطلبات الحياة اليومية، حيث تنطلق معظم تلك الأحزاب من أفكار، وأيديولوجيات، ونظريات، ومقدمات صحيحة، وتنتهي دائماً إلى نتائج خاطئة وسلوك أخلاقي مشين، وخيانة وطنية، لعدم تجذر تلك الأفكار والأيديولوجيات والنظريات، وتأصيلها كسلوك اجتماعي وممارسة يومية تنعكس على صعيد الواقع العملي، وتتبلور لتخلق ثقافة ووعياً اجتماعياً متطوراً ومرتبطاً بالفكر والموقف الوطني المتحرر من الاستغلال والتبعية. 
لم تكن تلك الأحزاب نتاجاً طبيعياً لتطور مجتمعها، ولا تستمد وعيها وفكرها وثقافتها من واقعها، خليط من الأفكار والرؤى والمفاهيم لا علاقة لها بواقعها، ولا بمواقع هموم مجتمعها، يفصلها جدار هائل من التراكمات الاجتماعية، وتظل بعيدة عن تمثيل الواقع وهمومه، وتحديات العصر وطموحه، لذلك نجد الانحدار والتشوه الأخلاقي، والشتات والمواقف المتخاذلة من مجمل قضايا المجتمع، محكومة بالاستبداد، لا تملك الرؤية والموقف الوطني والأخلاقي، ولا تقدر دورها التاريخي في التحول الاجتماعي كطليعة وأداة للتغيير، تتحول تلك الأحزاب الطليعية اليسارية والمصدر للتحول والتغيير نحو الأفضل، إلى حالة استثنائية في الخيانة للوطن، والتحالف مع العدو الخارجي، وتغطية جرائمه وقتله وتدميره وسفك دماء الأبرياء العزل تحت مبررات واهية شرعية وغير شرعية، اعتداء خارجي وتحالف دولي إمبريالي، ودول رجعية متأصلة برجعيتها تاريخياً تقاوم أي تقدم، أي استقلال وطني من التبعية في أي قطر عربي منذ بداية الثورات العربية، مصر عبد الناصر، وسوريا الأسد.
القضية إذن لا علاقة لها بالشرعية، القضية هنا بغرض الهيمنة والعودة باليمن إلى الحظيرة الأمريكية، تواجد قوى اليسار ومهامها الوطنية القضاء على الإقطاع وعلاقاته، محاربة الاستغلال وسيطرة فئة اجتماعية على ثروات ومقدرات الوطن، وتحرير القرار السياسي من الهيمنة السعودية والتبعية بكل أشكالها، لم تستطع تلك الأحزاب إنجاز تلك المهام طوال عقود، بل العكس تحالفت مع قوى الشر والهيمنة.
ثورة أيلول لها شرف القيام بتلك المهام الوطنية التي تُعد أحلامنا، ومن أجلها ناضلنا من خلال تلك الأحزاب، وتعرضنا لأقسى أنواع التعذيب والعقوبات والاضطهاد في الوظيفة والحياة الآمنة، والملاحقات المستمرة والحرمان من حقوقنا المشروعة، ما الذي استجد؟ وأين الخلل؟ ما الذي يجعل تلك الأحزاب تقف مع العدو التاريخي، وتلك القوى التي كانت سبب الكوارث والشقاء والحروب والدمار وتخريب الوطن؟ السبب الرئيسي والمبرر الوحيد هو المرض والخلل في عقول قيادات تلك الأحزاب، ومصالحها الذاتية، والانتماء للدولار وقاذورات النفط والعيش في رفاهية، والتضحية بكل ما له علاقة بالوطن وكرامته. الوطن ملك للجميع، والكل شركاء في المكاسب والمصالح والدفاع عنه بالرغم من الاختلاف في وجهات النظر والرؤى والمنهج، الاختلاف رحمة وظاهرة صحية، الخيانة والوقوف مع العدو والمشاركة في قتل أبناء الشعب اليمني تحت أي مبررات واهية، والتنازل عن المشروع الوطني الاجتماعي والثقافي والانسلاخ فجأة وبدون سابق إنذار والتنكر للفكر الإنساني الذي لم يثمر ولم يتجذر في عقول أولئك الهجين، ظلوا الأبناء الأوفياء والشرعيين للقحط والبداوة والتخلف والتصحر الفكري والثقافي بالرغم من تلك الثقافات الأممية والرموز والأشكال الحضارية ومصادر الخير والعطاء والأحلام الجميلة والوقوف مع العدل والحق والمساواة وتحمل القسط الأكبر من الهموم وخلق الفرح والأمل بمشروعية الحياة وقيمتها، كان الوهم رفيقنا مع الآمال الكاذبة، والظلمة، والحزن والموت المخيم فوق أرواحنا المستلبة والكئيبة ليل نهار، والزيف والتبشير الخادع بالفرح والسعادة والزمن القادم الجميل.
لن نغفر لهم عذاباتنا وإذلالنا، القهر والسجون والمعتقلات والملاحقات وامتهان إنسانيتنا وجراحاتنا، وسحقنا حتى العظم في السنوات الماضية، خانوا القضية ومشروعنا الاجتماعي الوطني التقدمي.
لن نغفر لهم مشاركتهم في العدوان والقتل وتدمير وسحق الوطن ودماء الأطفال والأبرياء العزل، عملاء لأعداء الوطن، خيانتهم وصمة عار تلطخ حاضرهم ومستقبلهم، لن نغفر لهم.. لن نغفر لهم. 

أترك تعليقاً

التعليقات