قتلت الطفولة والبراءة
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

على مدى تاريخهم الأسود الإجرامي شريط مروع من قتل الأطفال والملامح البريئة، والتي اغتيلت في مهدها، صرخات ألم واستغاثة لا يمكن أن تنتزع من الذاكرة الإنسانية، أكوام من جثث الأطفال الممزقة ومزيج من الدخان، والدماء، والأثواب والعباءات المدرسية، واختلط الدم بوحل الشوارع، ودموع لا تجرؤ يد على الاقتراب من لهيبها لتمسحها، وحمامات دم راح ضحيتها عشرات من الأطفال دون ذنب واحد اقترفوه، سوى أنهم حملوا رغماً عنهم ميراثاً بغيضاً وثقيلاً من الكراهية وعنف الأيديولوجيات العقيمة. 
مجزرة جديدة مروعة ارتكبها العدوان في حي سكني في سعوان، استهدفت مدارس الأطفال، جرائم يرتكبها العدوان بدمٍ بارد يومياً ضد الأطفال والشيوخ والنساء دون تمييز، أطفال قُتلوا بلا غاية، بلا استحقاق، عدوان همجي متوحش وكارثة إنسانية كبرى، والغم الذي ما بعده غم، ومؤامرات كونية مشتركة مبنية على عقد لئيم هي الوجه الآخر من الصراع، فيها اختلطت الدموع مع دعوات الصمود، لكنها بلا شك هزت العالم الساكن، وأيقظت الضمير العالمي، خاصة أن أطفال اليمن هم أكثر الفئات الذين دفعوا أرواحهم ثمناً للعدوان، بشاعة المأساة عبرت عنها دموع وصرخات الأطفال وهم يتخبطون ويتخطون جثث زملائهم المحروقة والمشوهة والممزقة على قارعة الطريق، ما الذي يمكن أن يمسح من ذاكرتهم وذاكرة الإنسانية تلك المجزرة المروعة والصور المؤلمة والجثث البريئة، وبحراً من الدماء وصرخات الاستغاثة وطلب العون؟
من الصعب أن يفهم ويستوعب المرء هذا الجنون العاصف للقوة الكونية المتوحشة، وهو يجدها وبمحض إرادتها ترتع في البربرية والهمجية في أن تجف دموعها وتظهر صفيقة الوجه كما لو أنها مومس، وهي تؤكد بلسانها قلة حيائها. منظومة عنف لا نهاية لتداعياتها القاتلة في إطفاء جذوة الحياة داخل سياق من السلوك الجرائمي يعمل جاهداً لتعزيز الإحساس بالانكسار كمصير محتوم لا يبقى منه بعد ذلك مفرزة أمنية، ولا مدرسة، ولا جيش، ولا سيادة، ولا جامعة، فقط لا يحظى بالأمان والسلام سوى ثروته وأفواه مرتزقته مجتمعة.
عدوان يحاول بكل الوسائل أن نشد رحالنا جمعياً نحو الموت والاستسلام والخضوع، لكننا خرجنا إلى الميادين، إلى الجبهات، نحمل دماءنا على أكفنا، لم نلتفت إلى فظاعة المجازر، لم نلتف إلى الخلف، لقد خبرنا الغزو والعدوان عبر التاريخ، ونعرف معنى الاحتلال والقهر، ولذلك قررنا؛ إما الموت كالأشجار واقفة، أو الانتصار. أما أولئك المتسكعون وجماعة الهوائيات التلفزيونية والهاتفية الذين يجعلون من أنفسهم دُمىً منهمكة بفراغ حائرة مبعثرة على أرصفتنا لتملأ بطالتها بضياع إضافي، يحاولون غسل يد المجرم من دماء أطفالنا.
أيها المرتزقة السفلة أصحاب القناعات المكتوبة والمسموعة التي تقبع خلف القناعات والمهمات المشبوهة، إنكم لا تثيرون الاهتمام، أصبحتم الحالة التي لن تدركها حركة التاريخ، ولا تلك النضالات التي تصعد خيوطها إلى مستوى البطولة، إنكم من الأسماك الصغيرة اللامرئية جيداً، تؤكلون وأنتم في حقيقتكم عديمو الطعم واللون والرائحة.

أترك تعليقاً

التعليقات