قمة أمريكا وأدواتها
 

طاهر علوان

الزيارة الأولى الخارجية لترامب إلى مملكة الشر والإرهاب، بعد هجومه المتكرر واحتقاره للسعودية ودول الخليج والمسلمين عموماً، أثناء حملته الانتخابية، أول زيارة لرئيس أمريكي جديد خارج الولايات المتحدة تكتسب بمفهوم السياسة الدولية أهمية بالغة وتوافقاً سياسياً خاصاً للمصالح المشتركة في المنطقة والعالم، الزيارة تكشف عن إدراك الإدارة الجديدة للمصالح الاستراتيجية لأمريكا، والعمل بموجب الشعار (أمريكا أولاً) شعار ترامب الانتخابي، وأيضاً لمواصلة السياسات التي تساعد على تعزيز التبعية السياسية لأمريكا، ومملكة الشر أهم تلك الأنظمة التابعة والمنفذة والممولة للمخططات والمشاريع الأمريكية، دولة محورية في العمالة، ولها نفوذها القوي في الوطن العربي والإسلامي، بحكم ثرواتها وسلطتها وسيطرتها على منظمة (أوبك)، وتحمل المسؤولية السياسية والعسكرية والتكاليف المالية للتحالفات العدوانية القائمة في الوطن العربي والإسلامي، والدفاع عن مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة، ومحاصرة الأنظمة الوطنية ومحور المقاومة سياسياً واقتصادياً.
زيارة ترامب رسالة لروسيا وإيران بأن الحل السياسي والعسكري في اليمن وسوريا والعراق، بيد أمريكا وأدواتها في المنطقة، ولا يوجد أي دور فعال لروسيا وإيران بعد قمة الحضيض الثلاثية وتأسيس حلف (الناتو الاسلامي) بقيادة النظام السعودي الفاسد والقادة العرب عمالقة الفساد وعباقرة التعذيب والتنكيل بشعوبهم، من دمر كل طموحات وآمال ونهضة الأمة العربية، وعمل على تهميش وإضعاف وتبذير ثرواتها وقدراتها، وتوطيد هزيمتها في الصراع التاريخي الدائر على أراضيها وحولها.
النظام السعودي البائس أشد ضعفاً من أن يتمكن من حماية وتوحيد الأمة العربية والإسلامية، مصلحة السعودية هي مصلحة إسرائيل في تمزيق الأمة وتشتيت طاقاتها وتدمير اقتصادها بالحروب الطائفية والمذهبية.
قمة الحضيض هدفها الأساسي ونزعتها السياسية الدعوة إلى التطبيع والمصالحة مع العدو الذي اغتصب الأرض والإنسان والثروة، وأهدر الكرامة والحرية، وتسبب بكل تلك الكوارث والماسي للأمة العربية والإسلامية.
اجتماع قادة 42 دولة لا يتسمون بالرزانة والحكمة والكرامة، ورئيس أمريكي (بغيض)، وكل تلك الضجة والجعجعة الإعلامية من أجل تشكيل (الناتو الإسلامي) قوة ردع وتحالف ضد الأنظمة الوطنية الشريفة المعادية لإسرائيل، مع العلم أن تلك التحالفات قائمة، وتمارس وظائفها بشكل يومي في القتل والتدمير، وبسلاح أمريكي، ومساندة إسرائيلية، ودعم أنظمة عربية وإسلامية فاقدة الشرعية والكرامة.
القبول بالجبروت الأمريكي، والاعتماد الكلي على واشنطن في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتدريب الجيوش وتسليحها بالعتاد الأمريكي، مفروض على تلك الأنظمة المجتمعة في قمة الحضيض، إضافة إلى رغبات ونزوات ترامب ووعوده الانتخابية تحت شعار (أمريكا أولاً) الذي يوازي شعار هتلر (ألمانيا فوق الكل)، لإيجاد فرص عمل لملايين العمال الأمريكيين من ثروات ملوك وأمراء يمتلكون ثروات هائلة، وليس لديهم مشروع للارتقاء بشعوبهم.
كلمة ترامب في قمة الحضيض عن السلام، والرخاء، والأمن، والمحبة، والتعايش السلمي، وتقوية الروابط بين الأديان السماوية، والتخلي عن العنف والتسليح، بينما وجوده في مملكة الشر ونافورة الإرهاب هدفه الأساسي الدعوة للحروب، وعقد صفقات الموت والدمار، وتدفق ترسانة هائلة من الأسلحة إلى السعودية تقدر بمليارات الدولارات.
لم تجد السعودية أسلوباً آخر للتعاطي مع البلطجة السياسية لترامب الواثق في الحصول على كل ما يريد دفعة واحدة، إلا الخضوع والاستكانة، وأيضاً التكريم، لأسباب كثيرة يطول شرحها، أهمها تحكم أمريكا وسيطرتها على الثروات النفطية المصدر الوحيد لبقاء النظام السعودي.

أترك تعليقاً

التعليقات