صحيفة «لا» وصرختها القوية
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

صحيفة "لا"، ومنذ صدورها وأعدادها الأولى أطلقت صرختها "لا" للعدوان والوصاية والإقطاع، "لا" للفساد والتبعية للاستعمار، 4 أعوام منذ تأسسيها وهي في خندق الدفاع عن الوطن بالكلمة الحرة والموفق الشجاع، وبصرختها القوية مع الوطن المنكوب والمظلوم، والدفاع عن ذلك الإنسان المنكر دائماً، والذي لا يريد أن يستلب، أن يخضع، أن يحاكى أو أن ينقاد.
جميع الثورات في العالم بدأت برفض الواقع الاستبدادي بالتمرد عليه، بدأت بكلمة "لا" لامتهان الإنسان، وإن الصراعات الطبقية وتحقيق الأهداف والغايات، والطموحات، والانتصارات لم تحقق بالحديد والنار فقط، وإنما وقبل كل شيء بالرفض بكلمة "لا"، بالوعي، بالإرادة الممانعة، وتثبيت العقيدة والإيمان والمعرفة بطبيعة العدو بالمفهومية عنه، فالعدو له أيديولوجيته ومخططاته الاستعمارية وتكوينه العدائي في استلاب حقوق الغير، ولا يتغير إلا بوعي تلك الحقائق، وأي اجتهاد يعكس غير هذه الحقائق إنما هو خداع في التعبئة وتزييف لمقومات الصراع وشروطه. 
صحيفة "لا" انطلقت بإيمان ودفع ثوري لا يتراجع، وبقوة ترسيخ المشروع الوطني الثوري التقدمي في الوعي والممارسة، فكانت لحظة نضوج للفكر الإنساني ولدت فيها دعوة للصمود، والمقاومة، والنضال ضد جميع أشكال الاضطهاد، ولكي لا يتكبد شعبنا الظلم، وتتناوله الأيادي القوية لنسوقه إلى المذابح كالأغنام، ودعوتها للحرية وللخروج من سقف الآخر المفروض ظلماً وعدواناً بقوة الهيمنة الامبريالية، هذا السقف الذي ظل ينتج خطاباً مرتهناً لإرادة الغير، فتماهى مع المتسلط واستبطن ثقافته، وفكره، ومخططاته، وسعى لمحاكاته في كل شيء.
استطاعت "لا" أن تجسد الثوابت الوطنية، وتعكس هموم المجتمع وتطلعاته، وتنقل الأحداث بصدق وأمانة، وتعمل جاهدة على خلق الوعي الوطني الثوري ونشره بين صفوف الجماهير المناضلة، وكان لها النصيب الأكبر من المعاناة والأوفر من المكابدة منذ صدورها، وتحملت موقنة بأن بهاظة الضريبة تكون بمستوى المواقف النضالية، وليس هناك عمل عظيم بلا تضحية أعظم، وتميزت باستقلالها الفكري والمالي واعتمادها على شح دخلها، ولم تعبر عن وجهة نظر معينة بذاتها، فكانت لها شخصيتها المستقلة، وثقافتها، ومنهجها، ومحاطة بغابة من أفضل الأقلام المتمكنة، والمعروفة بالشجاعة الأدبية، وجرأة الموقف، وقداسة الحرف، وبذلك تمكنت من خلق الوعي الوطني الراسخ، والذي أصبح قوة مادية تعكسه الجماهير ممارسة ونضالاً يومياً، وها هو شعبنا الفقير الجائع المحاصر يقف بصمود ويقاوم أعتى قوى استعمارية في العالم، ويثبت بالدليل والبرهان القاطع أن موازين القوى الطبيعية في مستويات المقاومة الوطنية أنتجت من الانتصارات وحققت من الضربات الموجعة ما لم تحققه موازين قوى الدبابات، والطائرات، والأساطيل، وعندما يكون امتشاق المعاول والفؤوس والمطارق واستخدام الكبريت، عندما يكون هذا كله متوفراً، فإن القاعدة التي يستند إليها شرط الصراع تصبح الإرادة.
واللاءات في التاريخ مازالت تسترجع صدى مفاعيلها، ولاءاتنا نحن بالذات فلنتذكر فقط صدور أول عدد لصحيفة "لا" وصرختها القوية التي حفزت الحشود وجعلتها مستثارة  بالرفض، والتمرد، ومقاومة العدوان، والصمود، مستجيبة للموجات الثورية، ولعلها اليوم أمام مهمات أصعب، ولكنها عليها أقدر أمام تاريخ يحبل بالدلالات، والمحطات الكبرى، وبالتحولات التي لا يمكن حصرها، وما تطرحه ثورة 21 أيلول على الإنسانية من قضايا هي علامات ولادة تاريخية كبرى في المنطقة لعصر الإنسانية، عصر جديد هو عصر الشعوب المستضعفة التي تزحف زحفاً مقدساً نحو الانعتاق النهائي.

أترك تعليقاً

التعليقات