اليمن مقياس التغيير في السودان
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

رحل الطاغية البشير والسلطة لازالت بيد العسكر برغم إصرار الشارع السوداني على سلطة مدنية لا عسكرية، ورفض التدخلات الخارجية والمطالبة بنقل جميع السلطات إلى قيادة مدنية، وبغير ذلك لا يمكن فض الاعتصام والانتقال إلى مربع تطبيع الحياة في السودان واتخاذ القرارات السيادية المتعلقة بحياة الشعب السوداني، وأول تلك القرارات سحب القوات السودانية المشاركة في العدوان على اليمن ضمن تحالف الشر والعدوان الأمريكي –السعودي، وإيقاف مشاركتها في العدوان على اليمن هو المقياس الحقيقي للتغيير، والخروج من السقف الأمريكي وامتلاك القرار السيادي، والتخلص من التبعية والوصاية، والتدخلات الخارجية، والابتعاد عن المخططات المعادية للأمة العربية والإسلامية التي كان ينتهجها الطاغية البشير ونظامه الديكتاتوري العسكري الذي كان يرفع الشعارات، ويطلق نداءات، وخطابات للعمل الديمقراطي القومي، ولكنه في الساعات التي تسبق ضوء الفجر يعود ليطلق رجالاته للقبض على ديمقراطيين، وقوميين، وسجونه تتسع باتساع التعبئة المزيفة والمشاريع المشبوهة، والدم هو الثمن للذين يتجرؤون على إثارة مقومات الحرية الحقة، سفاح سياسي بامتياز لم تنجبه أية حضارة.
ثورة جماهير الجياع سوف تنتصر بالرغم من الضغوط الداخلية والمحاولات الخارجية من محاور إقليمية ودولية تسعى لإفشالها والسيطرة على مسار مستقبل السودان، ومن ضمن تلك المحاور المحور السعودي- الإماراتي- المصري، والذي يدعم المجلس العسكري وقادته سياسياً، واقتصادياً للتوغل عبر غطاء المساعدات والتأثير على الأوضاع الداخلية لضمان استمرار مصالحه، والحفاظ على وجود قيادات على رأس السلطة تكن له الولاء، ويدفع بكل قوته وإمكانياته الاقتصادية لبقاء نظام عسكري تابع له لاستمرار مشاركة الجيش السوداني في عدوانه الظالم على اليمن.
الوضع الحالي غير واضح المعالم، وبالتالي فإن قرار سحب القوات السودانية من اليمن سيحدد الرؤية الواضحة، ويشكل الهوية السياسية لمستقبل الثورة والتغيير في السودان، ولا توحي التطورات الحالية في المشهد بأنه يمكن حسم الأزمات الداخلية في المستقبل القريب، وفي ظل تشبث المجلس العسكري بالسلطة، ودعم التدخلات الخارجية للمجلس العسكري الذي يعلن رفضه لسحب القوات السودانية من اليمن، فلا يمكن الحديث عن التغيير الجذري في السودان بمعزل عن سحب القوات المشاركة في العدوان، وعن النزيف الدموي اليومي للقوات السودانية في اليمن، والدعم البربري المتوحش لقضية همجية غير إنسانية بسفك دماء أبناء اليمن بهدف تمكين المشروع الأمريكي- الإسرائيلي. 
مملكة الشر السعودية تسعى لتكون منفردة في تأثيرها، وأن أي تغيير في السودان من شأنه أن يتسبب في خروجها من المعادلة، وسيدفعها للدخول بكل ثقلها لضمان استمرار نفوذها حتى في حال تسليم السلطة لحكومة مدنية، وسوف تحاول السعودية احتواءها وتغييب إرادة الشارع السوداني، والسيطرة على مسار الثورة ومستقبل السودان.
للأسف الشعب السوداني ضحية تجاهل من جانب الرأي العام العربي والعالمي، ضحية اعتماد معايير شكلية مزدوجة في التعامل مع قضيته المصيرية، خصوصاً عندما يتطلب الأمر تحديد موقف إزاء الحكام والأنظمة الرجعية والعسكرية الاستبدادية، وهذا ما يعاني منه شعبنا وثورتنا والحركات الوطنية في العالم والمقاومة للاستعمار من تبريرات خادعة وعقيمة والتباسات للمفاهيم والقيم والشعارات كالتقدم، والديمقراطية، وحرية الرأي والعدالة.

أترك تعليقاً

التعليقات