لا موقف ولا ضمير
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -
الضمير العربي يترنح عارياً في الجامعة العربية، ويرى بعينيين باردتين خاليتين من المسؤولية والضمير الإنساني إزاء ما يحصل من مجازر وقتل ودمار وإبادة جماعية وجرائم بشعة ومحارق ضد الشعب اليمني وعمق المعاناة نتيجة الحصار الاقتصادي.
كل تلك النكبات وسحق أمة بكاملها لا يشكل بالنسبة للجامعة العربية شيئاً يستحق الإدانة أو التعاطف، بل تنكفئ الجامعة إلى عرين الصمت وضوضاء فقدان الذاكرة، وتتقيأ قراراتها وعقمها ومآزقها التاريخية وتدين الضحية وتتجرد من الضمير والمواقف الإنسانية، تحركها نزعات مالية ومصلحية آنية دفعت الكثير من المواقف الوطنية والقومية لتجار الحروب الخليجيين والدوليين، تجار همهم امتلاك إرادات مستعدة ومهيأة للتسلع السياسي، دفعت من النقد الوطني والقومي والإنساني ما جعل الأنظمة الكرتونية الرجعية والدول الاستعمارية و«إسرائيل» مديونة لهذه «الشهامة» المحمومة.
جامعة الأمة العربية تتقيأ خيانتها تحت الشمس، وعلى المكشوف تدافع عن الإرهاب والقتل والقاتل والمعتدي، بحجة النقاء المالي والحضاري المزعوم والمفروض للبداوة نقاء وجد تفسيره في العدوان والمذابح والقتل والإرهاب والدمار والمجازر التي ترتكب بشكل يومي بحق شعب عربي سيق إلى العدوان والدمار والموت في صورة مفجعة ومؤلمة وبشعة.
شعب هو وحدة يدرك مغزى السلام والمحبة، لأنه يقتل ويقصف ويدمر ويجوع ويشرد في سبيلهما ويدفع من أمنه ودمه وأولاده، من تاريخه وجغرافيته ومستقبله، من خبزه وإنتاجه من كل ما يتصل بالحياة ودروب الحياة كلها.
هذا الشعب وحده ولا غيره هو الضمانة للحياة الكريمة، والحياة ذاتها، والعودة إلى الحرية والأمان والاستقرار والبناء أفضل من حكام وأحزاب ومنظمات قرارتهم تؤخذ من أقدامهم وعند أول قذيفة وقصف يحركون أحذيتهم ويولون اتجاهاتها شطر الارتزاق، شطر العدو.
مواقف الجامعة العربية موبوءة بالهزائم والتخاذل وخيبة الأمل وازدواجية الفعل والخطاب السياسي والمواقف والمعايير والقرارات المتواطئة التي أفقدتها الشرعية، بينما مهامها الأساسية توحيد الأمة لا تمزيقها، صمود الأمة وتماسكها في سبيل معركة الشرف التي طال انتظارها، وإخراج الأمة من أسوار الإحباطات والهزائم المتلاحقة طلباً لتاريخ لن يوصم بالعار أبداً، لكنها برهنت على أنها هي المعضلة، وهي الداء، وهي الجرح المفتوح في خاصرة الأمة العربية والأمن القومي وتمزيق الأمة، وتزداد تقيحاً في ظل تموين الكيانات الخليجية وتحالفاتها العسكرية الاستعمارية، وتضخ سمومها على إيقاع القتل البطي لتخنق صمود ونضال ومقاومة الشعب المظلوم والمعتدى عليه.
جامعة أصبحت تحت أقدامنا بعدما تجاهلت معاناتنا وظلمنا. أدوارها مشبوهة وقراراتها موت مفتوح على محاور المقاومة العربية الإسلامية ولصالح المال الخليجي، وتدرك الشعوب العربية خطورة ومواقف الجامعة العربية إدراكاً كافياً، من حيث مساندتها للأنظمة المتهالكة ودعمها للهيمنة على مقدرات الشعوب وثرواتها، وأنها بؤرة للفساد وثغرة للموت وهلاك الأمة ومشروعها التحرري.
جامعة متقزمة وأنظمة متهالكة تعيش في النفق الأخير من المشهد الحزين، تتهافت بأقدام مرتعشة نحو الضفاف المتآكلة، وتمارس انتحاراً جمعياً، وتختار غريزة الموت والمجهول بإرادة حديدية.

أترك تعليقاً

التعليقات