العدوان والجدار المغلق
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
نظراً لضيق الوقت ومحدودية الخيارات لدى عدوان التحالف الكوني نراه يسابق الزمن بين تصعيد عسكري يريد من خلاله إرباك الساحة تمهيداً لسحب قواته من مأرب وبعض المناطق المحتلة ووفق خيارات الجيش واللجان الشعبية المفروضة بقوة السلاح والتفوق العسكري، وبين التلويح بذلك الضغط للعودة إلى طاولة المفاوضات بشروطه ليضمن اتفاقاً لسحب قواته بما يجنبه كأس التراجع وهزيمة الانسحاب، وفي كل الأحوال إن الانسحاب من مأرب خسارة كبيرة ومؤلمة، ولا تعوض.
لقد زحف وحش العدوان بكل إمكانياته وآلياته الجهنمية ليسحق الثورة ويبيد الشعب اليمني جنوبه وشماله. زحف وحش العدوان وتلاشت مع أهواله المروعة كل أجوبة السلام السحرية التي كان بإمكانها حقاً أن تصرع الوحش الرابض فوق صخرة التحالفات الكونية. ولكن منطق العدوان الوحشي والعمل العسكري تغلب على كل ما عداه وصار واضحاً أن التطورات والتفاعلات السياسية ستتجاوز مسرح العدوان لتضرب كل ما هو إنساني بالعمق لتضرب الكثير من الأساسات والجذور والمسلمات والاعتقادات والمشاريع الاقتصادية والسياسية ليحل محلها كل ما هو من نتاج وثمار هذا العدوان الظالم الذي وجد نفسه في آخر المطاف أمام الجدار المغلق في كل الجبهات، وأمام استنزاف بلغ ذروته في التفكك اليومي في هيكلته العسكرية والسياسية والاقتصادية وتعرض لضربات موجعة من جانب رجال الرجال (الجيش واللجان الشعبية) لمواقعه العسكرية في الصميم والقصف والدمار لبنيته الاقتصادية الاستراتيجية نتيجة الهجمات المتواصلة بالمسيرات والصواريخ الدقيقة واختلالات فظيعة في مركزه المالي، بحيث لم يعد أمامه إلا الخيار الدرامي الذي يقود إلى الجدار المغلق.
لقد مر العدوان الكوني المتوحش من تحت أبصار العالم وهو يرفع أهدافاً وشعارات إنسانية شرعية أممية بينما ينشد أهدافاً أخرى في واقع الأمر تتمثل في احتلال اليمن، نظراً لموقعه الاستراتيجي وثرواته وضرب الآلة العسكرية في الصميم وتدمير شامل لبنيته التحتية وجعل اليمن تحت الوصاية وخارج ميدان الصراع القومي ومقاومة المشروع الأمريكي - الصهيوني – السعودي. وبكل تأكيد لا تتعلق المسألة بخطأ في الحسابات الاستراتيجية وحسب، بل كذلك بوجود أهداف منظورة لتحالف العدوان الكوني لم تجد رداً أممياً وإقليمياً وعربياً واضحاً، وهو مؤشر خطير إلى انحدار المعايير الاستراتيجية إلى قاع الانهيار الشامل، ذلك أن فتح المعايير أمام الحلول العسكرية الأمريكية والعبث بمقدرات الشعوب لا تعني سوى تسليم النظام الأممي والعربي والإقليمي بعجزه، وما حدث ويحدث في أرض السعيدة هو في هذا المنحنى المحدد تماماً.
إن تصرف تحالف العدوان الكوني داخل الساحة اليمنية يؤكد تلك السياسات والخطط الاستراتيجية والأهداف العسكرية للعدوان لتمزيق وتدمير وحصار وتجويع الشعب اليمني لإخضاعه ومنع الجيش واللجان من امتلاك تكنولوجيا السلاح المتطور وتدمير أي مخزونات محتملة سواء في منظومات الصواريخ الدقيقة أو الطائرات المسيرة التي بإمكانها اختراق الجدار الأمني الذي يريد إقامته النظام الدولي الجديد حول السعودية و"إسرائيل" لفرض النظام الدولي الأمريكي كموديل عالمي، وأن يستسلم الشعب اليمني للعدوان الظالم ويقف حائراً وعاجزاً ثم متواطئا كبعض الدول العربية المسلوبة الإرادة.

أترك تعليقاً

التعليقات