التصعيد بالتصعيد
 

طاهر علوان

الفشل الذريع للعدوان الأمريكي -السعودي، والإحباطات المتتالية، والهزائم على جميع الجبهات، والنتائج السلبية على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية، رغم الحشود الهائلة وتحرك العالم نحونا من وراء المحيطات وتلك القارات البعيدة والقريبة، ومن قواعد ومحطات أطبقت علينا الأساطيل وحاصرتنا الطائرات والجيوش المتعددة الجنسيات، وتحرك الدفع الداخلي والحشود السلعية مجسدة لعنة التجزئة خاضعة للمبادرات الاستسلامية والاتكال والرضوخ لسياسة العدوان ومباركته منذ اللحظات الأولى، وتحالفات لا تهدأ ولا تستكين، وأولئك المتربصون والحاقدون الفئة الضالة من يحاولون البتر والتمزيق ليسهل تحويل الوطن إلى (فيد) وغنيمة دسمة للهيمنة الأمريكية -السعودية، وهم يعلمون علم اليقين أن الصراع الدائر هو من أجل إخضاع الوطن وسيادته للسياسة الأمريكية الإسرائيلية، واستغلال ثرواته وطاقاته الخامة التي قد كشفت مكوناتها، إضافة إلى أهمية الموقع الاستراتيجي المتحكم بالتجارة الدولية وقربه من الدول النفطية والمصالح الأمريكية، تلك الخصائص مجتمعة تمكننا من النفاذ إلى قلب هذا العصر القاسي وتحولاته، وبعدوانهم يحاولون قطع الطريق والاستيلاء غير المشروع على تلك الثروات والمواقع، يتوحدون ويتحالفون وهم الأغنياء وعلى قوة، ونختلف ونتصارع ونحن الفقراء وعلى ضعف، تلك هي المعادلة الموجعة.
الاختلاف وصراع المصالح أمر طبيعي في كل مجتمع، إلا أنه في الظروف غير الطبيعية التي نمر بها تحتاج إلى ضبط وتفاهم واتفاق، لابد من إيقاف هذا الانشقاق والصراع العبثي، والذين يريدون إبقاءه لمصالحهم الذاتية، عليهم أن يتأملوا الجماهير التي تطحنها الأزمة الاقتصادية والحصار والسنوات الأليمة، وسقوط الضحايا الأبرياء بشكل يومي من أطفال ونساء وعجزة، والواقع المخيف الذي نحن فيه والذي لا يحتمل المزايدات الرخيصة المبتذلة، والشطحات الصبيانية وصب الزيت على حريق الزيت والفتنة الكبرى التي ما برحت تتحكم بغرائز واسعة.
واقعنا لا يحتمل كل ذلك، يحتمل فقط رؤية الحقيقة نفسها التي يضيئها حريق العدوان وقصف الطائرات المتواصل وتدمير المنشآت الحيوية لأنها وجود وطن وأمة بأكملها، عليهم أن يحاولوا الارتفاع قليلاً فوق مستوى المصالح الضيقة الذاتية، والابتعاد عن التلفيق والمؤامرات، والهجوم الإعلامي والوقيعة بين القيادات الوطنية، وهي من ضمن مخططات العدوان وأهدافه الأساسية في تمزيقنا وتشتيت صفوفنا، واستطعنا بإرادتنا وعزيمتنا مواجهة التصعيد بالتصعيد في اللحظة الثورية الحاسمة بالحشود الهائلة والتعبئة المستمرة نحو المعركة الواجبة والمقدسة بالمال والعتاد والرجال.
العدو يتربص لكل تلاحم وقوة في الجبهة الداخلية، ولم يكتف بالقصف والحصار والتدمير بالحديد والنار، بل تطاول وجوده إلى التحالفات الداخلية، والتكتلات البشرية والضمير الإنساني، ولكل طاقة خلاقة لمصلحة الوطن، بعد تدميره لكل عناصر الحياة، فالنقلة على هذا المستوى لا تحتمل المفاجآت، وهذا بالضبط ما يفسر طوابير الحشود وجماهير التصعيد التي تنتظر دورها للالتحاق بمجمع التآزر والثأر ورفد الجبهات برجال الرجال الرافضة لهمجية العدوان والاستسلام للسياسة الأمريكية الإسرائيلية وأدواتهما في المنطقة، ولكل طغاة العالم والتحالفات الظالمة وركام المبادرات الاستسلامية المشبوهة والمنحازة للعدوان والمنبثقة من السياسة الإسرائيلية المجربة مع الفلسطينيين (امتلاك مبادرات سياسية استسلامية في يد تتيح لليد الأخرى أن تضرب بقوة).

أترك تعليقاً

التعليقات