لا هدنة ولا تصالح
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
لا هدنة مع العدوان والتحالف الشيطاني الذي يريد اقتلاع وجودنا وقتل أطفالنا وحصارنا وتجويعنا، وإطلالته الوحيدة هي القصف والمذابح والقمع والأبواب الموحشة التي يقف خلفها الأعداء الغامضون.
ولا تصالح مع مرتزقة العدوان، من قاتلوا معه وساعدوه في حصار شعبنا وتمزيقه، ودعموا غول الهدنة بشهيتها المفتوحة لالتهام موارد الأرض والبحر ليضخ اندفاعاته من خلال الهدنة الوهمية نحو مجالات أوسع للسيطرة والاستئثار.
هدنة سرطانية مهمتها الأساسية التآكل التدريجي حتى مستوى الموت والانقراض. هدنة تنطلق في ظل حصار خانق وتآكل تدريجي للحياة والإنسان والقيم والمبادئ. هدنة تحمل الظلال الكئيبة، ولوحة معتمة لعالم الغد، لوحة ظهر في خطوطها العريضة اتفاقات تنوء بضغوط دولية وهيئات أممية عاجزة عن مقارعة العدوان وإيقافه، وفك الحصار وأسبابه.
هدنة لا تقدم أي أمل واقعي، ولا تعمل على تضييق الفجوة بين الذين يستثمرون العدوان لمصلحتهم الخاصة وبين الذين يموتون جوعاً، بين قلة تتمتع قسراً بثروات العامة لبقائها الخاص وبين أكثرية كل خلجة من خلجاتها تشع وجعاً من أوجاعها المكتومة، أكثرية لم ينقصها من الحواس حاسة، ولا من الوطنية والحب خلجة، ولا من الوجع آهة، ولها تاريخ مشرف وثقافة حضارية إنسانية، أكثرية مطلقة تعاني من التدهور المستمر في حياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
هدنة لم تردم الفجوة بين أولئك المتربصين بنا أو تردع مطامع، أو توقف عدوانا أو تلغي الحصار أو تختزل تحالفا عدوانيا لا يستكين ولا يهدأ ولا يميل عن حقده علينا مليمتراً واحداً، وإنما هو إلى المزيد من العدوان والتآزر وترتيب أوضاعه الاستراتيجية المقبلة.
استراتيجية تسعى إلى تركيز مواردنا وحصرها والإشراف على إدارتها، لحظة تاريخية تتجمع في دائرتها كل الحقائق من مقدماتها إلى نتائجها، وكل الإرادات المستقلة ممنوعة، وإن كانت مسالمة تطالب بالهدنة الحقيقية وإيقاف العدوان والحصار والتعايش السلمي، لحظة لا تحتمل البكاء على الأطلال، فهذه سمات النساء النوادب الثكالى.
لحظة تحتمل فقط رؤية الحقيقة نفسها التي يضيئها قصف العدوان والحصار والتآكل الاقتصادي، تآكل أمة بأكملها علينا في هذه اللحظة التاريخية، والإمساك بمصيرنا بقوة وإرادة حديدية لا تقهر، قبل فوات الأوان، ولم تعد الخطط والخطوات السلحفية قادرة على تحمل ضغوطات التفاوت في المسافات الإلكترونية، ولم يكن العدو في دوامة الاضطرابات الخطرة كما هو الحال الآن ونحن نقترب من النصر النهائي، وتقرير مستقبل الأمة وأجيالها وطموحاتها المشروعة المرهونة بالقبض على اللحظة التاريخية لمواجهة التحالفات الكونية ذات النوايا الحيوانية الجشعة.

أترك تعليقاً

التعليقات